أ
أ
تشهد صناعة الدواجن في مصر حالة من الحراك الواضح خلال السنوات الأخيرة، بعد سلسلة من الأزمات التي عصفت بالقطاع خلال عام 2022، نتيجة الاضطرابات الاقتصادية وارتفاع تكاليف الأعلاف ومدخلات الإنتاج، إلا أن مؤشرات التعافي بدأت تظهر بوضوح مع مطلع عام 2024، مدفوعة بالإجراءات الحكومية الداعمة وتوسع المربين في الإنتاج المحلي.
عبد العزيز السيد: 2024 بداية التعافي الحقيقي لصناعة الدواجن
أكد الدكتور عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن القطاع شهد تطورات ملموسة خلال السنوات الثلاث الماضية، مشيرًا إلى أن النصف الأخير من عام 2023 مثّل نقطة تحول نحو الاستقرار، بينما شكّل عام 2024 بداية التعافي الحقيقي على أرض الواقع.
وأوضح أن ما يُثار حول ارتفاع أسعار الدواجن غير دقيق، موضحًا أن سعر الكيلو يتراوح حاليًا بين 58 و60 جنيهًا، ليظل أرخص مصدر للبروتين الحيواني في مصر مقارنة باللحوم والأسماك. لكنه شدد على أن هذه الأسعار لا تحقق أي هامش ربح للمربين، بل تمثل خسارة فعلية بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف والطاقة واللقاحات.
وطالب رئيس الشعبة بضرورة تطبيق معادلة سعرية عادلة توازن بين مصلحة المنتج والمستهلك، لضمان استدامة الصناعة واستقرار السوق، داعيًا وزارة الزراعة إلى التوسع في زراعة الذرة والمحاصيل الزيتية ضمن منظومة الزراعة التعاقدية لتقليل الاعتماد على الاستيراد.

كما شدد على أهمية توفير الأمصال والعقاقير البيطرية الخاصة بوقاية الدواجن، وتوفيرها بشكل وقائي ومنتظم لدعم صحة القطيع الوطني والحد من الخسائر الناتجة عن الأمراض الوبائية.
أحمد نبيل: إنتاج بيض المائدة يتجاوز مليون طبق يوميًا واستقرار واضح في الأسعار
من جانبه، أكد أحمد نبيل، رئيس شعبة بيض المائدة بالاتحاد العام لمنتجي الدواجن، أن السوق يشهد استقرارًا ملحوظًا في الإنتاج والأسعار خلال الفترة الأخيرة، موضحًا أن الإنتاج اليومي تجاوز مليون طبق بيض على مستوى الجمهورية.
وأشار إلى أن سعر طبق البيض في المزرعة يبلغ 125 جنيهًا ويصل للمستهلك بنحو 140 جنيهًا، مؤكدًا أن الأسعار الحالية تعكس توازنًا نسبيًا بين المنتج والمستهلك بعد فترة من التذبذب خلال عامي 2022 و2023.
وأوضح نبيل أن القطاع مرّ بمرحلة صعبة حين تراجع الإنتاج إلى نحو 300 ألف طبق يوميًا في 2023 بعد أن كان 1.2 مليون طبق في 2022، نتيجة أزمة استيراد الخامات العلفية وارتفاع التكاليف. ومع تحسن الأوضاع وتوفير الدولار اللازم للاستيراد، استعاد القطاع طاقته الإنتاجية الكاملة في 2025.

وطالب رئيس الشعبة بتطبيق معادلة سعرية عادلة تضمن هامش ربح معقول للمنتج وسعرًا مناسبًا للمستهلك، مشددًا على ضرورة فتح باب التصدير واعتبار القطاع شريكًا أساسيًا في دعم الاقتصاد الوطني، مؤكدًا أن التوسع في التصدير سيعزز فرص النمو والإنتاج مستقبلًا.
مصطفى بسطامي: إعداد خريطة وبائية دقيقة للدواجن يحتاج تمويلًا ضخمًا وإمكانات علمية متطورة
وفي السياق ذاته، أوضح الدكتور مصطفى بسطامي، أستاذ أمراض الدواجن، أن إعداد خريطة وبائية شاملة للأمراض الحيوانية في مصر يحتاج إلى تمويل ضخم وإمكانات بحثية متقدمة، مؤكدًا أن العملية علمية معقدة تتطلب تحليل بيانات دقيقة وأبحاثًا ميدانية تغطي مختلف المحافظات.وأكد بسطامي أن أي معلومة وبائية يجب أن تكون موثقة علميًا ومبنية على دراسات دقيقة، مشيرًا إلى أن تنفيذ الخطة يتطلب فريقًا بحثيًا متكاملًا يضم خبراء من تخصصات بيطرية متعددة وممثلين عن جميع المناطق الجغرافية.

وأوضح أن نسبة تطبيق الخريطة تختلف من محافظة لأخرى، وتصل في بعض المناطق إلى 60 أو 70%، مرجعًا عدم التطبيق الكامل إلى غياب جهة رقابية موحدة تشرف على التنفيذ والمتابعة.
وحول اللقاحات المستوردة، نفى بسطامي ما يردده بعض المربين بشأن عدم توافق بعض اللقاحات الأجنبية مع الفيروسات المحلية، مؤكدًا أن جميع اللقاحات يتم فحصها ومعايرتها بدقة داخل المعامل الحكومية، وعلى رأسها معهد الأمصال واللقاح بالعباسية، وأن أي لقاحات غير مطابقة يتم إعدامها رسميًا على نفقة المستورد.

وأضاف أن مصر تمتلك القدرات العلمية لتوطين صناعة اللقاحات البيطرية، مشيرًا إلى ارتفاع نسبة الإنتاج المحلي من 10–15% إلى نحو 30% حاليًا، مع خطة للوصول إلى الاكتفاء الذاتي الكامل خلال السنوات المقبلة.
ماجد عتمان: السماسرة يتحكمون في السوق والمربي والمستهلك هما الخاسران الأكبر
من جانبه، حذر المربي ماجد عتمان من استمرار ما وصفه بـ"العشوائية" في إدارة صناعة الدواجن رغم التقدم التقني الذي شهدته خلال السنوات الخمس الأخيرة، مشيرًا إلى أن سماسرة السوق يمثلون الخطر الأكبر على الصناعة.
وأوضح أن عددًا محدودًا من السماسرة يتحكمون في التسعير داخل السوق، رغم أن قيمة صناعة الدواجن تتراوح بين 200 و300 مليار جنيه سنويًا، لافتًا إلى أن سعر كيلو الدواجن يخرج من المربي بـ58 جنيهًا ويصل إلى المستهلك بـ85 جنيهًا، ما يعني خسارة المربي نحو 12 جنيهًا في الكيلو، مقابل أرباح تصل إلى 25 جنيهًا للسماسرة.
وأكد عتمان أن هذه الفجوة السعرية أضعفت ثقة المستهلك في السوق، موضحًا أن التقلبات السعرية الحالية لا ترتبط بقوانين العرض والطلب بل بتدخلات السماسرة واحتكارهم لحركة البيع والشراء.
وطالب بضرورة تنظيم عمل السماسرة وضمهم لمنظومة رسمية تحت إشراف الدولة لضمان ضبط السوق وحماية المربين والمستهلكين على حد سواء، منتقدًا ضعف دور اتحاد مصنعي الدواجن الذي وصفه بأنه "دور شرفي بلا رقابة أو تنظيم".
وختم عتمان تصريحاته بالتأكيد على أهمية تعزيز الدور الرقابي لإدارات الطب البيطري وتفعيل التعاون مع المصنعين لضمان استقرار السوق ودعم الإنتاج المحلي.



