أ
أ
عادة ما يستند علماء البيئة إلى قاعدة مريحة مفادها أن الأنواع التي تنتشر في مناطق جغرافية واسعة وتمتلك أعدادًا كبيرة تكون أقل عرضة للانقراض مقارنة بتلك التي تعيش في بيئات صغيرة ومحدودة.، لكن دراسة حديثة تكشف أن هذه القاعدة قد لا تصمد أمام تأثيرات تغير المناخ المتسارعة.
فقد أظهر تحليل جديد وشامل شمل حوالي 1500 نوع من الطيور، ونشر في مجلة "نيتشر كوميونيكيشن"، أن هذا الافتراض قد يكون خاطئًا عندما يتعلق الأمر بتأثيرات تغير المناخ على هذه الكائنات الحية، وذلك وفقًا لما نشره موقع "إيرث".
"نقمة الانتشار الجغرافي": نطاقات مناخية ضيقة تهدد الأنواع واسعة الانتشار
أوضح كارلوس بوتيرو، المؤلف الرئيسي للدراسة من جامعة تكساس، أن الأنواع التي تنتشر في مناطق جغرافية واسعة غالبًا ما تتمتع بأعداد كبيرة، لكن "المشكلة تكمن في أن العديد من هذه الأنواع تتكيف مع نطاق مناخي ضيق للغاية".وهذا التكيف المحدد يجعلها أكثر عرضة للانهيار والانقراض عندما تبدأ أنماط المناخ في التغير بشكل ملحوظ.
وأشارت الدراسة إلى أن الأنواع التي يُعتقد تقليديًا أنها في مأمن من الانقراض بسبب اتساع نطاقها الجغرافي قد تكون في الواقع حساسة للغاية للتغيرات الطفيفة في درجات الحرارة أو أنماط هطول الأمطار، مما يجعلها عرضة بشكل كبير لتأثيرات تغير المناخ.

مثال حي: طائر شمعي الجناح البوهيمي
يُعد طائر شمعي الجناح البوهيمي مثالًا بارزًا على هذه الظاهرة. فعلى الرغم من انتشاره الواسع من الدول الإسكندنافية وصولًا إلى ألاسكا، إلا أن بيئته المتجانسة تجعله يعتمد بشكل كبير على درجات حرارة باردة وغطاء ثلجي ثابت، وأي تغير طفيف في هذه الظروف المناخية قد يدفع هذا النوع إلى الهجرة بحثًا عن بيئات مناسبة، مما يهدد بقاءه واستمراره.مفارقة أخرى: الطائر الضاحك ذو التاج الكستنائي
في المقابل، تقدم الدراسة مثالًا آخر يوضح تعقيد العلاقة بين نطاق الانتشار والقدرة على التكيف، وهو الطائر الضاحك ذو التاج الكستنائي.يقتصر وجود هذا الطائر على شريط ضيق من الغابات الجبلية في نيبال وبوتان، وعلى الرغم من صغر نطاقه الجغرافي، فإن بيئة الجبال التي يعيش فيها توفر له تنوعًا في درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار على ارتفاعات مختلفة، مما يتيح له قدرة أفضل على التكيف مع التغيرات المناخية المحتملة.

حجم الدماغ ليس دائمًا ضمانًا:
كشفت الدراسة أيضًا عن علاقة غير متوقعة بين حجم دماغ الطيور ومرونتها في مواجهة تغير المناخ، ففي حين يُعتقد تقليديًا أن الطيور ذات الأدمغة الأكبر تتمتع بقدرة أكبر على التكيف مع الظروف البيئية المتغيرة، أظهرت الدراسة أن هذه الطيور قد تكون أكثر ارتباطًا بأنظمة مناخية محددة ودقيقة، مما يجعلها أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ غير المتوقعة.تهديدات خفية في مناطق غير متوقعة:
أشارت الدراسة إلى أن تأثيرات تغير المناخ على الطيور قد تكون خفية وغير مرئية في بعض الأحيان، خاصة على الأنواع التي تتمتع بنطاق جغرافي واسع أو أدمغة كبيرة، مما قد يؤدي إلى تجاهل المخاطر التي تواجهها.فعلى سبيل المثال، قد تواجه بعض الطيور التي تعيش في مناطق مثل القطب الشمالي تهديدات كبيرة نتيجة للتغيرات المناخية السريعة وغير المتوقعة في تلك المناطق.
وفي الوقت نفسه، قد تواجه الطيور التي تعيش في الغابات الاستوائية، والتي تتمتع بأدمغة كبيرة وتتطلب مستويات عالية من الرطوبة ودرجات حرارة مستقرة، مخاطر مماثلة في ظل استمرار ارتفاع درجات الحرارة وزيادة فترات الجفاف في المناطق الاستوائية.
