تُعد قرية "برما"، الواقعة في نطاق مركز طنطا بمحافظة الغربية، واحدة من أبرز القرى المنتجة في مصر، حيث تحتل الصدارة في مجال إنتاج الثروة الداجنة, وتنتج "برما" وحدها ما يقرب من 35% من إنتاج مصر من الدواجن بأنواعها المختلفة (الدجاج، البط، الرومي)، مما يجعلها أكبر قرية منتجة للدواجن على مستوى الجمهورية.

ورغم مساهمتها الضخمة في الأمن الغذائي، تواجه القرية تحديات متعددة في ظل الاعتماد الكبير على استيراد الأعلاف ومدخلات الإنتاج، وهو ما يجعلها عرضة لتقلبات السوق العالمي واحتكار المستوردين.

إنتاج داجني ضخم ومجتمع لا يعرف البطالة

يُقدَّر عدد مزارع الدواجن في قرية برما بأكثر من 5 آلاف مزرعة، يعمل بها ما يزيد عن 50 ألف عامل من أبناء القرية والقرى المجاورة. وتمتد أنشطة الإنتاج لتشمل مختلف مراحل دورة التربية والتسويق، وهو ما يجعل من "برما" نموذجًا اقتصاديًا مكتمل الأركان في مجال الإنتاج الداجني الريفي.

ويؤكد أصحاب المزارع أن مهنة تربية الدواجن في القرية ممتدة عبر الأجيال، حتى أصبحت جزءًا من الهوية المحلية، وعرف الناس عبارة "حسبة برما" التي ترمز إلى تعقيد الحسابات وكثرة المتغيرات، في إشارة إلى اتساع النشاط وتعقيده بالقرية.

التحديات الكبرى الأعلاف والأدوية تحت قبضة الاستيراد

أبرز ما يُعيق تطور قطاع الدواجن في برما هو الاعتماد شبه الكامل على استيراد الذرة الصفراء وفول الصويا، وهما المكونان الأساسيان في صناعة الأعلاف. ومع تذبذب الأسعار العالمية، ووجود ممارسات احتكارية من بعض كبار المستوردين، يبقى المربون تحت ضغط ارتفاع التكلفة وتقلبات الأسعار.

كما يواجه قطاع الدواجن في برما أزمة في توافر الأدوية البيطرية، بسبب الانتشار العشوائي للمحال غير المرخصة وغياب الرقابة الكافية، مما يؤثر على جودة التربية وصحة الطيور.

مبادرات حكومية لدعم القرية المنتجة

أكدت المحافظة أن هناك خطة واضحة للتعامل مع هذه التحديات، وقد شملت:

دراسة احتياجات المزارعين والمربين بدقة من خلال لقاءات ميدانية.

تنسيق مع الجهات المعنية بصناعة الأعلاف والأدوية البيطرية.

تكثيف الحملات الرقابية من قبل مديرية الطب البيطري لمواجهة الأدوية غير المطابقة للمواصفات.

العمل ضمن مبادرة "حياة كريمة" لتحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية داخل القرية.

وتم التأكيد على أن برما ستكون خلال السنوات القادمة نموذجًا للقرى المنتجة المتكاملة التي تجمع بين الإنتاج والخدمات والتنمية المستدامة.

التوسع الزراعي هو الحل

يرى خبراء الزراعة ومربو الدواجن أن الحل الجذري يكمن في زيادة الرقعة المزروعة من الذرة الصفراء وفول الصويا محليًا، ضمن المشروع القومي لاستصلاح واستزراع الأراضي. حيث سيُسهم ذلك في تقليل فاتورة الاستيراد، واستقرار أسعار الأعلاف، وبالتالي ضمان استمرار النشاط الداجني دون اضطرابات.

قرية برما.. نموذج إنتاجي يستحق الدعم

ما حققته "برما" في مجال إنتاج الدواجن يُعد نموذجًا يُحتذى به في تعزيز الإنتاج المحلي وتوفير فرص العمل ودعم الأمن الغذائي. لكن استمرار هذا النجاح مرهون بدعم حكومي منظم، واستثمارات محلية في التصنيع والتخزين والتسويق، لضمان استقرار أكبر قرية منتجة للدواجن في مصر، وتكرار تجربتها في قرى أخرى.