أكد الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر الشريف، أن الكذب له صور متعددة تختلف باختلاف الدوافع، موضحًا أن هناك كذبًا دفاعيًا يلجأ إليه الإنسان للهروب من موقف صعب أو ضغط اجتماعي، وكذبًا اجتماعيًا يهدف إلى تجنب الحرج أو الخروج من ورطة، إلى جانب كذب المراوغة الذي يستخدمه البعض لإخفاء الحقيقة أو توجيه الآخرين في اتجاه مضلل.
وأضاف خلال حلقة برنامج "راحة نفسية"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء، أن هناك أيضًا الكذب الكيدي، وهو الذي يقصد به الإضرار بالآخرين، فضلًا عن الكذب التقليدي الذي ينتقل بالتقليد، مثل أن يرى الطفل أحد والديه يكذب فيقلده دون وعي. وأوضح أن الكذب عند الأطفال يختلف في طبيعته ووزنه عنه عند الكبار، إذ قد يكون خياليًا بسبب عدم قدرتهم على التمييز بين الحقيقة والخيال، أو دفاعيًا نتيجة الخوف الشديد من العقاب من الوالدين.
وأشار أستاذ الطب النفسي إلى أن الطفل قد يكذب أحيانًا لتجنب العقوبة أو لإلقائها على أحد إخوته، أو لتحقيق رغبة شخصية، مشددًا على أن الكذب لدى الأطفال أقل من خمس سنوات لا يعد كذبًا بالمعنى الدقيق، بل هو جزء من الخيال أو المحاكاة.
وحول طرق التعامل مع الشخص الذي يكذب كثيرًا، أوضح المهدي أن الخطوة الأولى هي الحذر من تصديق كلامه دون تحقق، والاعتماد على التأكد من صحة ما يقوله، مع تقليل التعاملات غير الضرورية معه، ناصحًا بمواجهته بشكل دبلوماسي مدعوم بالأدلة، لتعليمه أن الكذب لن يمنحه مكسبًا.
وأكد أن من المهم توضيح النتائج السلبية للكذب أمام الأبناء، إذ يفقد صاحبه الثقة، ويعرضه لخسائر اجتماعية ومهنية كبيرة.
وأوضح أن المجتمعات التي تتسامح مع الكذب تدفع ثمنًا باهظًا، داعيًا الأسر إلى غرس قيمة الصدق ومواجهة صفة الكذب مبكرًا، حتى لا تتحول إلى عادة مترسخة.