أكد الدكتور أيمن أبو عمر، من علماء وزارة الأوقاف، أن الاختلاف في الرأي لا ينبغي أن يتحول إلى خلاف مرفوض أو صدام، بل يجب أن يكون مساحة طبيعية يتبادل فيها الناس الرؤى والأفكار بروح من المرونة والإنصاف.
وأوضح الدكتور أبو عمر، خلال حوار مع الإعلامية سالي سالم، ببرنامج "منبر الجمعة"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن الإنصاف هو الكلمة الجامعة التي تُلخّص الموقف كله، قائلاً: «الإنصاف هو أن أُعطيك حقك، وآخذ حقي منك، وأستمع إليك كما تستمع إليّ»، مشيرًا إلى أن الإنصاف أصبح عزيزًا في زماننا، وأن غيابه أحد أسباب التوتر والانقسام في المجتمعات.
وأضاف أن القرآن الكريم أرشد إلى هذا المبدأ الرفيع حين أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخاطب المشركين بقوله: {قل إنّا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}، وهي دعوة راقية لاحترام الرأي الآخر حتى مع من يعبدون غير الله، مشيرًا إلى أن الله تعالى قال أيضًا: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}، مما يرسّخ خلق الاحترام في الحوار والاختلاف.
وتابع الدكتور أبو عمر أن غاية الإسلام هي ضبط السلوك بالخلق، وأن الاحترام واجب لكل إنسان مهما اختلفت عقيدته أو فكره، مضيفًا أن كثيرًا من الخلافات اليوم تقع في مسائل فرعية أو فقهية فيها عشرات الآراء الصحيحة، وكلها مقبولة عند العلماء.
وأشار إلى أن ابن قدامة قال: «من لم يعرف الخلاف لم يشم رائحة الفقه»، مبينًا أن من يتبع رأيًا واحدًا دون معرفة أقوال العلماء الآخرين يقع في التعصب وضيق الأفق، بينما الفقيه الحقيقي هو من يتسع صدره للاختلاف المشروع.
وضرب مثالًا بحوار النبي صلى الله عليه وسلم مع الوليد بن المغيرة، حيث استمع إليه بهدوء واحترام رغم دعوته إلى ترك الوحي وعبادة الأصنام، ثم طلب النبي منه أن يستمع بدوره، فتلا عليه آيات من سورة فصلت أثّرت في قلبه حتى خاف أن يصيبه ما أصاب عاد وثمود.
وأكد الدكتور أيمن أبو عمر، أن هذا الموقف النبوي هو أرقى نموذج للإنصاف واحترام المخالف، وأن الأمم لا تنهض إلا حين يسود أدب الحوار، وتُدار الخلافات بعقلٍ راجحٍ وقلبٍ منصفٍ لا يعرف الغلو ولا التعصب.