قال الدكتور أسامة فخري الجندي، عالم بوزارة الأوقاف، إن الثقة بالله سبحانه وتعالى لا تعني التواكل أو السذاجة، وإنما تعكس وعيًا راسخًا بأن الله هو مسبب الأسباب، وأن التوجه الصادق إلى الله بالقلب يسبق أي عمل بالجوارح.
وأوضح أن القلب المتعلق بالله يوجّه الإنسان نحو الخير ويضيء له طريق الصواب.
وأضاف أن الثقة بالله تقوم على علاقة عميقة بالهداية واليقين، وهي لا تُغني عن السعي، بل تدفع الإنسان لبذل الجهد واتخاذ الأسباب، مع اطمئنان داخلي بأن النتائج بيد الله وحده، وأن من يؤمن حق الإيمان يوقن بأن "مع العسر يسرا".
وضرب الجندي مثالًا بهجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث خطط بدقة ووضع أكثر من 14 تدبيرًا احترازيًا قبل تنفيذها، مما يدل على وعي كامل بالأسباب، لكنه في الوقت نفسه كان متوكلًا على الله وموقنًا أن الأمور لا تسير إلا بمشيئته.
هذه الثقة منحت النبي وأصحابه قوة وثباتًا في مواجهة الأخطار، حتى في المواقف العصيبة كملاحقة المشركين لهم أثناء الهجرة.
وأشار كذلك إلى موقف نبي الله موسى عليه السلام عندما واجه فرعون وجيشه، وقال لقومه: "كلا، إن معي ربي سيهدين"، وهو تعبير عن ثقة راسخة بالله رغم شدة الموقف.
كما أشار إلى غزوة بدر، التي كان فيها عدد المشركين يفوق عدد المسلمين بثلاثة أضعاف، ومع ذلك ظل النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله ويوقن بنصره، حتى طمأنه أبو بكر رضي الله عنه بأن الله سينجز له وعده.
وأكد الجندي أن الثقة بالله تمثل توازنًا بين العمل بالأسباب واليقين بالنتائج، وهي صفة إيمانية راسخة تمنح الإنسان طمأنينة داخلية، وعزيمة روحية لا تُهزم أمام الأعداد أو التحديات، لأن النصر والنجاح في النهاية بيد الله وحده.