يتساءل الكثيرون عن جواز ربط الاستغفار بطلب حاجة دنيوية معينة، مثل الشفاء من مرض، أو سعة الرزق، أو تيسير أمر صعب. هذا التساؤل يأتي في ظل ما ورد في القرآن والسنة من وعود عظيمة لمن يداوم على الاستغفار.

الاستغفار سبب لتفريج الكربات وتيسير الأرزاق

أكد علماء الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن الاستغفار بنية قضاء الحاجة جائز ومشروع شرعاً، ولا حرج فيه. فالنصوص الشرعية تؤكد على أن الاستغفار ليس فقط للتوبة من الذنوب، بل هو أيضاً سبب لجلب الخيرات الدنيوية.
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح: "مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ." وهذا الحديث نص صريح في أن الاستغفار مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتفريج الكربات وتيسير الأرزاق.

الإخلاص واليقين.. شرطان أساسيان

أوضح الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الذكر والاستغفار مشروع سواء ارتبط بنية قضاء حاجة أو كان مطلقاً. وشدد على أن النية هي التي تحدد توجه العبد، وأن الأخذ بالأسباب والسعي لا يتنافى مع التوكل على الله.
وأضاف الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء أيضاً، أن الأفضل هو أن يكون العمل خالصاً لله تعالى، ولكن لا مانع من الاستغفار بنية التيسير والرزق، مشيراً إلى أن ارتقاء النية إلى الإخلاص المحض هو الأسمى.

آيات قرآنية وأحاديث نبوية تؤكد ذلك

جاءت آيات سورة نوح لتكون دليلاً قاطعاً على فضل الاستغفار في جلب الخير والبركة. يقول تعالى: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا."
كما أشار الشيخ محمد وسام إلى فضل دعاء سيد الاستغفار الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت."
في الختام، يؤكد علماء الدين أن الاستغفار هو باب واسع للخيرات، سواء كانت أخروية أو دنيوية، وهو من أفضل الأذكار التي يجب على المسلم المداومة عليها.