أكدالدكتور أسامة قابيل، من علماء الأزهر الشريف، أن الرضا لا يتعارض مع الطموح، بل
يمكن للإنسان أن يجمع بين السعي والاجتهاد والرضا بقضاء الله، مشددًا على أن
الاستكانة والخمول لا يُعدّان من مظاهر الرضا الحقيقي.
وأوضح أن
مقام الرضا لا يُكتسب فجأة، بل هو ثمرة مجاهدة وتربية مستمرة للنفس، يتدرج فيها
الإنسان عبر مراحل حياته المختلفة، حتى يصل إلى الطمأنينة التي وعد الله بها عباده
الصالحين. وأشار إلى أن الرضا لا يتحقق إلا بعد اختبار وامتحان، استنادًا إلى قوله
تعالى: «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ»، وقول النبي ﷺ: «من رضي فله
الرضا».
وبيّن أن
الرضا يُبنى مع مرور الوقت من خلال التجارب والمواقف،وهو أشبه بتعلم مهارة جديدة؛
يحتاج إلى تدريب وثبات وصبر، حتى يتخلص الإنسان من السخط والاعتراض، وينمو بداخله
الإيمان والتسليم.
وأضاف أن
الرضا لا يعني ترك العمل أو الكسل، بل إن المؤمن مطالب بالسعي والاجتهاد وأخذ
الأسباب، كما جاء في قول النبي ﷺ: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك
كأنك تموت غداً»، موضحًا أن التوازن بين السعي والرضا هو ما يُثمر النفس المطمئنة
التي قال الله تعالى عنها: «يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي
إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً».
وأشار
إلى أن الوسطية هي الطريق السليم في التعامل مع النفس، فليس من الحكمة أن يترك
الإنسان نفسه بلا محاسبة، كما لا يصح أن يجلد ذاته بشدة فيظن أن الله لا يرضى عنه.
ولفت إلى أهمية التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، مثل برّ الوالدين، والإحسان إلى
الفقراء والمحتاجين، وجبر خواطر الناس، مؤكدًا أن هذه الأبواب تُفتح للعبد طريق
الرضا الإلهي.
واختتم
حديثه بالتأكيد على أن لحظات الحزن والانكسار قد تعتري الإنسان، لكنها فرص حقيقية
للجوء إلى الله والدعاء بإخلاص، مشيرًا إلى قوله تعالى: «أَمَّن يُجِيبُ
الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ»، مؤكدًا أن الله وحده يعلم ما في الصدور ويستجيب
لعباده المخلصين.