قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، ردًا على سؤال حول قوله تعالى: «وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ» وقوله: «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ»، في مقابل قوله ﷺ: «لا تُفَضِّلوني على موسى» و«لا نُفَرِّقُ بين أحدٍ من رُسُله»، إن هذا ليس تناقضًا، بل تنوع في المعنى والمقام.
وأوضح الدكتور جبر أن قول الله تعالى «لا نفرق بين أحد من رسله» معناه الإيمان بجميع الأنبياء والرسل دون تفريق في أصل النبوة أو الصدق، فكلهم صادقون مبلِّغون عن الله، والنبوة في أصلها واحدة لا تتفاوت. أما التفضيل الوارد في القرآن فهو تفضيل في المراتب والدرجات عند الله، فمنهم من جعله الله رسولًا، ومنهم من جعله من أولي العزم، فـ الأنبياء متفاضلون في المكانة لا في أصل النبوة.
وبيّن أن القرآن هو سيد الكتب المنزلة كما أن النبي محمد ﷺ هو سيد ولد آدم، ولكن هذا التفضيل لا يعني الانتقاص من شأن الأنبياء الآخرين، بل هو تقدير لمقامهم جميعًا في إطار مراتب فضلٍ أرادها الله.
وأضاف أن نهي النبي ﷺ عن قول "خيرٌ من موسى" أو "لا تفضلوني على يونس" كان من باب الأدب والمصلحة، لأن ذلك كان في مواقف مع اليهود وغير المؤمنين بالنبي، فكان يخشى أن يثير الحديث عن تفضيله على موسى غضبهم فيتجرؤوا على مقام النبوة، ولذلك قال: «لا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم»، أي لا تفتحوا باب الإساءة للدين بسبب جدال غير حكيم.
وأشار الدكتور جبر إلى أن النبي ﷺ كان يعلّم الأمة أدب الحديث عن الأنبياء، حتى لا تغطي أنوار فضائله ﷺ على مكانة الأنبياء السابقين في قلوب الناس، فقال: «لا تُخَيِّروني على موسى»، و«إنما ذك إبراهيم» حين قالوا له: يا خير البرية، تواضعًا منه ﷺ وحفظًا لمقام أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام.
وقال الدكتور يسري جبر: "لا تناقض بين التفضيل وبين عدم التفريق؛ فالتفضيل من الله في المقام، وعدم التفريق من المؤمن في الإيمان، ونحن نؤمن بجميع الأنبياء، ونحبهم جميعًا، ونضع نبينا محمدًا ﷺ في مكانته التي تليق به، فهو سيد ولد آدم، ونبي الأنبياء، وإمام المرسلين".