تخطو الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، خطوات حثيثة نحو تحقيق هدف استراتيجي بتحويل البلاد إلى مركز إقليمي رائد لإنتاج تقاوي الخضر في قارة إفريقيا, تستند هذه الرؤية الطموحة إلى الخبرات المصرية المتراكمة في هذا المجال، إلى جانب الكفاءات البحثية الكبيرة القادرة على دعم هذا التوجه.
بدأت مصر منذ عدة سنوات في تنفيذ البرنامج الوطني لإنتاج تقاوي الخضر محليًا, يهدف هذا البرنامج إلى تقليل معدلات الاستيراد المرتفعة من التقاوي، بالإضافة إلى توفير أفضل البذور المعتمدة للمزارعين، بما يساهم في تحقيق أعلى إنتاجية من المحاصيل الزراعية وتحسين دخل المزارع.
البنية العلمية والبحثية تدعم الطموح الإفريقي
من جانبه، أوضح الدكتور ماهر المغربي، نائب مدير مركز البحوث الزراعية للإنتاج، أن مصر مؤهلة بالفعل لتكون مركزًا لإنتاج التقاوي في إفريقيا, وأشار إلى أن رسالة مركز البحوث الزراعية الأساسية تتمحور حول تحقيق الأمن الغذائي المستدام من خلال الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والتكيف مع التغيرات المناخية.

وأضاف الدكتور المغربي أن مصر تمتلك البنية العلمية والبحثية التي تمكنها من استنباط أصناف عالية الإنتاجية، سواء من المحاصيل الاستراتيجية أو محاصيل الخضر, وشدد على أن المركز لا يركز فقط على تحسين الإنتاج، بل يمتد عمله ليشمل دعم دخل المزارع وتطوير النظام الزراعي ككل في البلاد.

الشراكة الدولية أساس النجاح والابتكار
أكد الدكتور المغربي أن النجاح الزراعي في مصر يعتمد بشكل كبير على الشراكة مع المجتمع الدولي, فمصر لا تعمل في عزلة، بل تتعاون مع شركاء التنمية، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي، بهدف دعم الآلاف من صغار المزارعين المصريين، خاصة في قطاع الميكنة الزراعية والتدريب على الممارسات الزراعية الجيدة.

وأشار إلى أن أكثر من 94% من الأراضي الزراعية المصرية تقع في بيئات جافة أو شبه جافة، مما يجعل استنباط أصناف مقاومة للظروف الصعبة أمرًا بالغ الأهمية, وهنا يبرز دور المعاهد البحثية المتخصصة في تطوير أصناف مقاومة للأمراض والآفات، وتحسين الصفات الوراثية للنباتات.
تكامل الجهود لحماية الأصناف النباتية وجذب الاستثمار
أشاد الدكتور ماهر المغربي بدور الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي، التي تتحمل مسؤولية إيصال الأصناف الجديدة للمزارع البسيط، خاصة وأن أكثر من 70% من المزارع المصرية تقل مساحتها عن ثلاثة أفدنة, وشدد على أن نجاح مصر كمركز لإنتاج التقاوي في إفريقيا يرتكز على تكامل الجهود بين الباحثين والإدارات المختلفة داخل وزارة الزراعة، وبدعم من شركاء التنمية، مؤكدًا أن الهدف النهائي هو تحسين ودعم إنتاجية المزارع وزيادة دخله.

وأضاف أن مصر تمتلك منظومة متكاملة ومستقرة لإنتاج التقاوي، يشارك فيها القطاع الخاص إلى جانب الحكومة، مما يمنحها ميزة تنافسية لتكون مركزًا إقليميًا, وأوضح أن البرنامج الوطني لإنتاج تقاوي الخضر، الذي انطلق بدعم القيادة في عام 2020، بدأ في تحسين السلالات المحلية وتسجيل أصناف جديدة لتقليل الاعتماد على الاستيراد، خاصة وأن أكثر من 95% من تقاوي الخضر كانت مستوردة في السابق, وعلى النقيض، تفتقر العديد من الدول الإفريقية إلى منظومات وتشريعات موحدة تنظم هذه الصناعة.
بدوره، أكد الدكتور خالد السلموني، رئيس الإدارة المركزية لإنتاج التقاوي بوزارة الزراعة، أن حماية الأصناف النباتية في مصر أولوية وطنية. وأشار إلى إنشاء جمعيات مختصة لدعم هذه الحماية، سواء للأصناف المحلية أو للشركات العالمية, وأضاف أن الحكومة تعمل باستمرار على تحديث القوانين لتوفير بيئة استثمارية آمنة ومحفزة، مشددًا على أن دخول شركات كبرى إلى السوق المصري لم يكن ليتحقق دون هذه التسهيلات. وتابع: "نهدف إلى طمأنة المستثمرين بأن موادهم الوراثية محمية، وأن البيئة التشريعية في مصر جاذبة ومستقرة".