شهد قطاع نباتات الزينة طفرة واضحة خلال الفترة الأخيرة، حيث تم تطوير مشاتل الإنتاج لتضم آلاف النباتات من الأصناف المتنوعة، شملت الصبارات، والدراسينات، والجارونيا، ونباتات الزينة الداخلية مثل البوتس والسانجونيم، إلى جانب الأشجار والشجيرات التي تتمتع بجمال الشكل وعبق الرائحة مثل الموريا والجاردينيا.

كما جرى العمل على إكثار نباتات جديدة عبر أساليب علمية دقيقة، لتوفير "أمهات مستدامة" يمكن الاعتماد عليها في التوسع الإنتاجي، مثل الفيكس والشيفليرا والقشطة ونخيل الزينة. هذه الجهود تسير بالتوازي مع الاهتمام بالتنوع الجيني للنباتات، ما يفتح آفاقًا أوسع أمام تحسين الجودة وزيادة العائد.

فوائد تتجاوز الجمال .. من تنقية الهواء إلى علاج الأمراض

ليست الزهور مجرد زينة، بل لها تأثير مباشر على الصحة والبيئة. إذ تعمل العديد من هذه النباتات على تنقية الهواء، وخفض درجات الحرارة، والتخلص من الحشرات الضارة، فضلًا عن دورها في تهدئة الأعصاب وتحسين الحالة النفسية.

كما تحتوي بعض النباتات على مركبات فعالة تُستخدم في الطب والعلاج مثل الألوفيرا لعلاج الحروق، واللافندر للتهدئة، والنعناع كمطهر، إلى جانب نباتات أخرى تساعد في ضبط الهرمونات، أو تحسين المناعة، أو مقاومة الخلايا السرطانية. ما يجعل الاستثمار فيها ليس تجاريًا فقط، بل طبيًا واستراتيجيًا أيضًا.

زراعة الأنسجة.. مستقبل الإكثار الذكي

لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه النباتات، باتت زراعة الأنسجة إحدى الأدوات الرئيسية المستخدمة في معامل البحث الزراعي. فهذه التقنية تسمح بإكثار كميات ضخمة من النباتات النادرة أو التي يصعب إكثارها بالطرق التقليدية، إلى جانب إنتاج نباتات خالية من الأمراض، وحفظ الأصول الوراثية، واستنباط أصناف مقاومة للتغيرات البيئية.

ورغم أن أبحاث زراعة الأنسجة تستغرق وقتًا وتكلفة في بدايتها، إلا أن نتائجها على المدى الطويل تضمن إنتاجًا اقتصاديًا ضخمًا، مما يُسهم في خفض الأسعار محليًا ورفع القدرة التنافسية عالميًا.

فرص التصدير .. وموقع مصر في السوق العالمي

تتمتع مصر بموقع متقدم عالميًا في إنتاج نباتات الزينة وزهور القطف، حيث تُصدّر منتجاتها إلى عدد من دول الاتحاد الأوروبي والعالم العربي، وتحديدًا الدول الخليجية. ويعزز هذا الموقع المناخ المثالي، وجودة التربة، وتوفر الأيدي العاملة المدربة.

ومع ذلك، ما زال السوق العالمي يفرض تحديات كبرى، تتعلق بارتفاع تكاليف الشحن، وتنوع معايير الجودة بين الدول، واحتياجات كل سوق حسب ذوق المستهلك. كما أن المنافسة مع دول مثل كينيا، كولومبيا، وإثيوبيا تتطلب من المنتج المصري تحسين التسويق والتوسع في زراعة الأصناف العالمية المطلوبة، سواء عبر الاستيراد أو التهجين المحلي.

نحو استراتيجية وطنية للنهوض بقطاع الزينة

الرهان اليوم على زيادة الوعي المجتمعي بأهمية زراعة نباتات الزينة في المنازل، ليس فقط كوسيلة للزينة، بل كعنصر بيئي وصحي يُسهم في تقليل التلوث وامتصاص غازات الاحتباس الحراري.
فكل مساحة خضراء تزرع، تقربنا أكثر من التوازن البيئي، وتخفف من آثار التغيرات المناخية المتصاعدة.

إن استغلال هذا القطاع بشكل مدروس، عبر التوسع في الإنتاج، وتحديث طرق الإكثار، والاعتماد على البحث العلمي، كفيل بأن يحول الزهور من مجرد منظر جميل، إلى ثروة اقتصادية قادرة على تحقيق قيمة مضافة عالية للمزارعين والدولة على حد سواء.