الجمعة، 24 ذو الحجة 1446 ، 20 يونيو 2025

مصر تتبنى "الزراعة الذكية مناخيًا".. استراتيجية شاملة لمواجهة التغيرات المناخية وتعظيم الإنتاج الزراعي

رى الرى برسيم البرسيم ارض  اراضى
القطاع الزراعي
أ أ
techno seeds
techno seeds
يواجه القطاع الزراعي في مصر تحديات وفرصًا متزايدة جراء التغيرات المناخية، مما يستدعي تبني استراتيجيات متكاملة لضمان استدامة الإنتاج وتحسين دخل المزارعين, وفي هذا السياق، تكثف وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية جهودها لتطبيق مفهوم "الزراعة الذكية مناخيًا"، والذي يهدف إلى استغلال العوامل المناخية لتحسين الإنتاجية وتقليل الخسائر.


الخريطة الصنفية: حجر الزاوية في الزراعة الذكية

تُعد "الخريطة الصنفية للمحاصيل الاستراتيجية" إحدى الركائز الأساسية للزراعة الذكية مناخيًا, فمن خلال توفير التقاوي المناسبة لكل منطقة جغرافية، يتم زراعة الصنف الأمثل الذي يتجنب إصابة النباتات بالأمراض ويزيد من معدلات النمو والإنتاجية, وقد كرست الجهات المعنية مجهودات كبيرة خلال السنوات الماضية لتوفير التقاوي المعتمدة للمزارعين، مما يسهل تطبيق نظم الزراعة الذكية ويقلل من تدهور الأراضي، خاصة في مناطق الدلتا والوادي.

تطبيقات الأرصاد الجوية الزراعية: إدارة مثلى للموارد المناخية

يتمثل الهدف الرئيسي لتبني الزراعة الذكية في تطبيقات الأرصاد الجوية الزراعية، والتي تهدف إلى مساعدة المزارعين على إدارة الموارد المناخية، مثل ضوء الشمس والأمطار والمياه، على النحو الأمثل, ويعني الاستخدام الأمثل للمياه زراعة المحصول المناسب لكمية المياه المتوفرة، مع تقليل تعرية التربة وفقدان الأسمدة الناجم عن الجريان المائي.


مصدات الرياح والتدابير الوقائية: حماية المحاصيل من المخاطر المناخية

تشدد وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية على أهمية اتخاذ التدابير الوقائية لتلافي أو تقليل أثر المخاطر المناخية المتوقعة, ومن أبرز هذه التدابير هي إقامة مصدات الرياح، التي توصي بها الوزارة منذ أكثر من ثلاثين عامًا, فالمزارع التي تقوم بعمل مصدات الرياح تقلل أو تنعدم لديها التأثيرات السلبية للرياح المحملة بالأتربة على المزروعات، مما يحمي المحاصيل ويسهم في استقرار الإنتاج.

دور المعمل المركزي للمناخ الزراعي: بيانات، برامج، وتوعية

يلعب المعمل المركزي للمناخ الزراعي دورًا محوريًا في توفير بيانات ومعلومات الطقس السائد في المناطق المختلفة، وتحليل تأثيرها على الاستهلاك المائي، واستهلاك الأسمدة والمبيدات, وقد تجاوز دور المعمل مجرد توفير البيانات، حيث قام بإنتاج برامج حاسب آلي وتطبيقات تعمل بنظام الأندرويد لحسابات الري والتسميد والمكافحة المتكاملة للأمراض والآفات, كما يتم تدريب العديد من المزارعين على هذه التطبيقات, ولا يعني ذلك توقف الإرشاد الزراعي، بل تعتبر هذه الأدوات عاملًا مساعدًا لنشر الوعي وتوصيل المعلومة في الوقت المناسب.


بالإضافة إلى ذلك، قام العديد من العاملين بالمعمل المركزي للمناخ الزراعي بإنشاء صفحات علمية على منصات التواصل الاجتماعي لضمان وصول المعلومة للمزارعين بأسرع وقت ممكن, ومع التطور الكبير في مجالات الاتصالات، أصبح من الممكن تكامل هذه الإمكانات في منظومة معلومات متكاملة تقدم نصائح للمزارعين حول حالة الطقس في المستقبل القريب والتدابير الواجب اتخاذها بناءً على بيانات الخبراء المتخصصين، مما يسهم في توفير ملايين الجنيهات على مستوى الدولة ويحد من إحباطات صغار المزارعين.

يمتلك المعمل المركزي للمناخ الزراعي شبكة أرصاد جوية تغطي مساحات واسعة من مصر، تشمل الأراضي القديمة والمستصلحة حديثًا، ويقوم ببحوث تتعلق بالتطبيقات المختلفة لبيانات الأرصاد الزراعية اليومية لخدمة الأنشطة الزراعية على المديين القريب والبعيد.

التقنيات الحديثة: الزراعة اللاأرضية وتعديل مناخ الصوب

ترتبط التقنيات الحديثة ارتباطًا مباشرًا بالمناخ الزراعي, فالزراعة اللاأرضية، مثل الزراعة الهوائية وتحت التربة، تتأثر مباشرة بالمناخ المحيط, وتؤكد الحاجة الملحة لاستخدام هذه التكنولوجيا لتكثيف الإنتاج وتفادي المخاطر الناجمة عن الظروف غير المواتية، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها في زراعة أسطح المنازل لتعديل مناخها, وتعتبر الزراعة بدون تربة وزراعة الأسطح من التقنيات التي اكتسبت أهمية كبيرة عالميًا، نظرًا لكفاءتها العالية في استخدام المياه وإنتاج الغذاء بكميات قليلة جدًا من المياه مقارنةً بالزراعة التقليدية, وينظم المعمل العديد من الدورات التدريبية في هذا المجال بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.


تطوير مناخ الزراعات المحمية والتوجه نحو الزراعة الحيوية

من الاتجاهات الهامة الأخرى، نظم تعديل مناخ الزراعات المحمية، والتي تشمل أبحاثًا تتعلق بالإنتاج في الصوب وإنتاج محاصيل تتناسب مع ظروف الحرارة العالية والمنخفضة, ويهدف تعديل المناخ إلى دراسة العلاقة بين المناخ، الزراعة، الهياكل المعدنية، الحاصلات البستانية، والمحاصيل غير التقليدية، وتعديل الغازات داخل الصوب, كما تُجرى دراسات لتطوير مناخ الصوب من حيث التهوية، التبريد، التدفئة، والتظليل، بهدف إطالة موسم النمو والوصول إلى أفضل نموذج رياضي لتحديد طريقة التهوية وتوزيع الضوء، بالإضافة إلى دراسة إمكانية التبريد الأفقي للصوب ذات المراوح وإدخال محاصيل غير تقليدية تتناسب مع الظروف المناخية, ويعقد المعمل دورات تدريبية متخصصة في مجال الزراعة المحمية.

وأخيرًا، هناك اتجاه متزايد نحو الزراعة الحيوية، بهدف خفض كميات الكيماويات المستخدمة في الزراعة بشكل واضح, ويُعد الإدراك الجيد للعلاقة بين الكائنات الدقيقة المحيطة بالنبات أو المكمورة في المخلفات، أساسًا لزيادة أهمية هذا المجال وتطبيق الممارسات المناسبة لتعظيم الإنتاجية.
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة