في خطوةٍ مهمةٍ نحو تعزيز استدامة زراعة نخيل التمر، أحد أهم المحاصيل في المناطق القاحلة وارتباطه الوثيق بثقافة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، صدر كتابٌ جديدٌ يتناول بيولوجيا الآفات الحشرية والعثية الرئيسية لنخيل التمر وإدارتها المستدامة, يأتي هذا الإصدار في وقتٍ تُقدر فيه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وجود أكثر من 100 مليون نخلة تمر حول العالم، بإنتاجٍ سنويٍ يتجاوز 7.5 مليون طن.
لطالما كان نخيل التمر، أو Phoenix dactylifera L، محط اهتمام المزارعين والباحثين على حدٍ سواء. ومع ذلك، تُشير التحديات المتزايدة إلى ضرورة تطوير حلولٍ مبتكرةٍ وفعالةٍ لمواجهة الآفات, فقد أحصى تقريرٌ حديثٌ 112 نوعًا من الحشرات والسوس المرتبطة بنخيل التمر، منها 22 نوعًا تُهدد التمور المُخزنة. وتُرجح الدراسات أن عوامل مثل الزراعة الأحادية المكثفة، وتغير المناخ، والاستخدام المفرط للمبيدات الكيميائية، والتجارة الدولية الواسعة، تُسهم في تفاقم هذه المشكلة وتُؤثر على الآفات وأعدائها الطبيعيين في النظم البيئية الزراعية.
يهدف الكتاب الجديد إلى سد الفجوات المعرفية من خلال تقييم استراتيجيات الإدارة المتكاملة للآفات (IPM) المتاحة حاليًا، ومعالجة التحديات الناشئة، وتحديد أولويات البحث المستقبلية, ويتعمق الكتاب في قضايا حيوية مثل دور المواد الكيميائية شبه الكيميائية في إدارة الآفات، مع استعراض استراتيجيات مبتكرة كـ"الجذب والقتل" و"الدفع والجذب", كما يتناول تأثير البلازما النباتية ونواقلها الحشرية على نخيل التمر، ويسلط الضوء على الأساليب المبتكرة لإدارة آفات تخزين التمور.
وفي سياقٍ متصلٍ، أولى الكتاب اهتمامًا خاصًا لآفةٍ تُعد من أخطر التهديدات التي تواجه استدامة قطاع نخيل التمر: سوسة النخيل الحمراء (Rhynchophorus ferrugineus Olivier), وعلى الرغم من خطورتها، لا تزال هناك فجوة في المعرفة المتعلقة بأنماط تبني المزارعين لممارسات الإدارة المتكاملة لمكافحة هذه السوسة، وكيف تؤثر معرفتهم بأعراضها على تبنيهم لتلك الممارسات.
وفي دراسةٍ ميدانيةٍ حديثةٍ أُجريت في محافظة الأحساء بالمملكة العربية السعودية، جُمعت بيانات من 183 مزارع نخيل باستخدام استبيانات مُهيكلة, كشفت النتائج عن أن غالبية المزارعين لم تكن لديهم المعرفة الكافية لتشخيص الأعراض البصرية لسوسة النخيل الحمراء وأضرارها, وعلى الرغم من اعتماد المزارعين المعتدل للتدابير الوقائية الموصى بها، إلا أن 13.11% فقط منهم أظهروا معدل تبني مرتفع لممارسات الإدارة المتكاملة للآفات لمكافحة سوسة النخيل الحمراء والقضاء عليها.
وأكدت النتائج وجود ارتباط إيجابي قوي (0.8، p < 0.01) بين مستوى المعرفة بالأعراض ومستوى تبني الإدارة المتكاملة للآفات, هذا يعني أن المزارعين الذين لديهم معرفة أكبر بأعراض سوسة النخيل الحمراء كانوا أكثر عرضة لتبني ممارسات الإدارة المتكاملة للآفات في جميع الفئات, تُشير هذه النتائج إلى أهمية تعزيز الوعي والمعرفة لدى المزارعين كخطوة أساسية نحو إدارة مستدامة وفعالة لآفات نخيل التمر.