استخدم الإنسان، أعواد السواك (Siwak) في تنظيف الأسنان، منذ أكثر من 7 ألاف سنة، وذلك عقب استخراجه من أشجار الأراك (Salvadora persica). ويعود تاريخ ظهور هذه الأشجار إلى الحضارة المصرية القديمة، وكذلك البابلية، الذين استخدموا أعواده في تنظيف الأسنان، حتى ظهرت الفرشاة والمعجون، في القرن الـ 19.
يعتبر مسواك الفم من العادات القديمة التي تستخدم في العناية بالفم والأسنان، والمسواك عبارة عن عصا أو عيدان صغيرة مصنوعة يتم تقطيعها من شجرة تسمى الأراك، التي يكثر تواجدها بالمناطق الصحراوية، وتنتشر بشكل وافر في المملكة العربية السعودية، إلى جانب تواجدها ولكن بشكل أقل في جمهورية مصر العربية، والسودان والهند وإيران وباكستان.
وتتميز هذه الشجرة بأنها تكون دائمة الخضرة، حيث لا يزيد ارتفاعها عن أربعة أمتار، وتتميز بطول عمرها، وطول إرتفاعها وتشابك أغصانها وتحتوي على العديد من الخصائص المطهرة والنافعة لصحة الفم وتستخدم في تنظيف الأسنان بشكل طبيعي، والتي تجعله بديلاً جيداً عن فرشاة الأسنان، إذ يحتوي على خصائص مضادة للبكتيريا (Antibacterial)، كما يجمع بين فوائد معجون الأسنان وفرشاة الأسنان معًا.
وبالرغم من ظهور فرشاة الأسنان والمعجون، إلا أن السواك مازال يحظى بإهتمام الكثير من المسلمين، بشتى أنحاء العالم، ليس فقط لأهميته وفوائده المتعددة، ولكن أيضًا لأنه يمثل جزء من السنة النبوية التي أوصى بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وتتلخص أهمية السواك فيما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)، وأيضًا: (لولا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك عند كلّ صلاة)، وهو ما يعني أن السواك له فوائدة عظيمة.
المواد الفعالة بالسواك:
يحتوى السواك على نحو 19 مادة فعالة ومن هذه المكونات مايلى: مادة السلفادورين (Salvadourine) وهى مادة لها خصائص مفيدة لصحة الفم والأسنان، فهي تعتبر مضادة للبكتيريا والجراثيم وتساعد في تقوية اللثة، كما يحتوى على مادة بنزيل إيزو ثيوسيانات (Benzyl iso thiocyanate) التى لها تأثير مضاد للجراثيم وقوي ضد مسببات الأمراض الفموية التي تلعب دورا في أمراض اللثة، كما يحتوى على مواد مضادة للجراثيم أخرى، مثل القلويدات (Alkaloids)، ثلاثي ميثيل أمين (Trimethylamine) المضادة للبكتيريا والجراثيم، أيضا يحتوى على مركبات السيليكا (Silica) وهي مادة كاشطة طبيعية تعمل على إزالة البقع والتصبغات المتراكمة على الأسنان، كما يحتوى على بعض المعادن مثل الكالسيوم والكلوريدات و الكبريت والفلورايد التى تساعد في الوقاية من التسوس، يحتوى السواك كذلك على بيكربونات الصوديوم (Sodium bicarbonate) التى لها تأثير مضاد للجراثيم، كلوريد الصوديوم (Sodium chloride) والذي يعمل على الحفاظ على لون الأسنان.ويحتوى على الصمغ أو الراتنجات (Resins) والذي يعمل على تكوين طبقة واقية فوق طبقة المينا لمنع التسوس، فيتامين ج (Vitamin C)، حمض الساليسيلك (Salicylic acid)، التانينات (Tannins) وهي مادة تعمل كمعقم طبيعي وتحفز إنتاج اللعاب ومنها حمض التانيك (Tannic acid) وهو عامل جيد مضاد للجراثيم ومضاد للإلتهاب (Anti-inflammatory) ويساعد على تقوية أنسجة اللثة، كما يحتوى السواك أيضا على كميات بسيطة من الصابونين (Saponin) والفلافونويدات (Flavonoids) والستيرول (Sterol)، كما يحتوى على مجموعة من الزيوت الأساسية (Essential oils) التي تضفي الرائحة والطعم الخفيف ولها تأثير مطهر، وتحفز إفراز اللعاب الذي يساعد على معادلة الأحماض في الفم والوقاية من التسوس بألإضافة إلى إحتوائه على إنزيمات مضادة للأكسدة، مثل البيروكسيداز (Peroxidase)، الكاتلاز (Catalase)، أوكسيديز البوليفينول (Polyphenol oxidase).
فوائد السواك الصحية:
يتميز السواك بفوائد صحية عديدة للفم والأسنان، وله خصائص مضادة للأكسدة (Antioxidants) قد تقلل من خطر الإصابة بالسرطان، كما يعمل على تعزيز عمل الجهاز الهضمى. تنصح منظمة الصحة العالمية بإستخدام السواك لتطهير الفم، وذلك لما يحتويه على خصائص تمنحه العديد من الفوائد نذكر منها ما يأتي:صحة الفم والأسنان:
يحتوي المسواك على العديد من الفوائد الصحية للفم والأسنان، وذلك بفضل إحتوائه على مواد طبيعية، ومن أبرز هذه الفوائد ما يلي: فيعمل على معالجة تسوس الأسنان وتجويفها، حيث يحمي من التسوس ويقلل من تكون التجاويف عن طريق تكوين طبقة واقية على المينا ويقلل من إفراز الأحماض المسببة للتسوس، حيث يمنع تراكم الأحماض، ويمنح الأسنان وقتًا لإصلاح نفسها ومنع حدوث التسوس.يعمل أيضا السواك على تقليل تراكم جير الأسنان والبلاك على الأسنان واللثة، يُعرف البلاك بأنّه طبقة من البكتيريا عديمة اللون والتى تتشكل على الأسنان واللثة مع نمو البكتيريا وتكاثرها، إذ يؤدي تراكم البلاك دون تنظيف متكرر إلى تكوين جير الأسنان (Tartar)، وذلك لأنه يحتوي على مواد طبيعية تعزز صحة اللثة، وتعمل على تعزيز أنسجتها مثل مادة حمض الجاليك (Gallic acid)، فيعمل على تقليل أمراض اللثة ونزيفها، كما يمكن أن يقلل من آلام اللثة والأسنان. كما تقوم الأحماض في طبقة البلاك بمهاجمة مينا الأسنان، وهي الطبقة الخارجية من السن وأقوى أجزائه، ويؤدي هذا الهجوم إلى تحليل بنيان المينا عبر إزالة المعادن منها، مما يؤدى إلى تسوس الأسنان.
كما يُساعد إستخدام السواك بإنتظام في المحافظة على أسنان أكثر بياضًا وأكثر قوة بشكل طبيعى عن طريق إزالة البقع والإصفرار، وذلك من خلال إحتوائه على مواد تبييض وتنظيف الأسنان مثل كلوريد الصوديوم وبيكربونات الصوديوم وأكسيد الكالسيوم (Calcium oxide) وكلوريد البوتاسيوم (Potassium chloride) وأكسالات الكالسيوم (Calcium oxalate).
إذ يُساهم السواك في تقليل حموضة اللعاب نتيجة زيادة الكالسيوم والكلوريد، بالإضافة إلى ذلك زيادة قوة الأسنان، كما يُساعد إنخفاض درجة الحموضة على منع إزالة المعادن، وبالتالي الحفاظ على اللون الأبيض للأسنان. كما يُساهم كثرة إستخدام السواك المتكرر في إعطاء الإنتعاش والراحة للأشخاص، وذلك لإحتوائه على العديد من الزيوت الطيارة الطبيعية التي تعطي الفم رائحة جيدة، كما يقضي على البكتيريا الضارة التى تسبب الرائحة الكريهة في الفم.
كما تشير العديد من الدراسات البحثية إلى إحتواء السواك على خصائص مضادة للبكتيريا والجراثيم، وبطريقة آمنة تمامًا، دون وجود لأي آثار سلبية على صحة الإنسان، وذلك نتيجة لإحتوائه على ألياف (Fibers) طبيعية، تكون لينة على اللثة، إلى جانب إحتوائه على معادن ومواد فعالة هامة، أبرزها المادة المنظفة سينرجين ((Sinigrin، لذا يُساعد إستخدامه المنتظم على الحفاظ على نظافة الفم والتقليل من المشاكل الصحية التي تُسببها بكتيريا الفم.
أيضًا أظهرت نتائج بعض الأبحاث أن السواك يحتوي على مواد تعمل على تخثر الدم في حالات نزف اللثة، وهذا يمثل أهمية كبيرة عند استعماله كمطهر للفم، لأن بعض المستحضرات المستخدمة كغسول للفم، قد تكون مفيدة في حل مشكلة رائحة الفم الكريهة، ولكنها تكون مصحوبة بالعديد من المخاطر إذا تم إبتلاع بعضا منها لإحتوائها على مواد كيميائية قد تكون ضارة.
تعزيز قدرة الجهاز الهضمى:
يساهم السواك في تحسين الهضم وتعزيز قدرة الجهاز الهضمي، ومن المعروف أن الإهتمام بنظافة الفم بإستخدام السواك يساعد على التخلص من البكتيريا العالقة في الأسنان، لأن الفم هو البوابة الأولى للجهاز الهضمي، وإذا كان يحتوي على بكتيريا ضارة، فقد تنتقل إلى المعدة وتسبب مشاكل هضمية مثل الإلتهابات، الإنتفاخ، الغازات، أو إضطرابات الأمعاء. كما يلعب اللعاب دورًا أساسيًا في عملية الهضم، حيث يحتوي على إنزيمات هاضمة مثل الأميلاز (Amylase) التي تبدأ بتكسير النشويات قبل وصول الطعام إلى المعدة. عند استخدام السواك، يتم تحفيز الغدد اللعابية لإفراز المزيد من اللعاب، مما يؤدي إلى تسهيل هضم الطعام منذ لحظة مضغه، تقليل مشاكل عسر الهضم الناجمة عن ضعف إفراز اللعاب، منع جفاف الفم الذي قد يعيق عملية البلع والهضم، وتقليل مشاكل الجهاز الهضمي التي قد تعيق إمتصاص الفيتامينات والمعادن.
كما يحتوي السواك على مركبات طبيعية مضادة للبكتيريا مثل السنجرين والتانينات التي تحد من تكاثر البكتيريا الضارة في الفم، والفلافونويدات التي تعزز توازن البكتيريا المفيدة النافعة في الجهاز الهضمي، والمواد القلوية التي تساهم في تقليل الحموضة الزائدة، والتي قد تؤدي إلى إضطرابات المعدة وبعض المشاكل مثل الإرتجاع الحمضي وحرقة المعدة.
وعند إستخدام السواك بإنتظام، ونظرا لإحتوائه على مواد طبيعية تساعد في معادلة درجة الحموضة في الفم، مما يقلل من إحتمال إنتقال الأحماض الزائدة إلى الجهاز الهضمي، وتقليل كمية الأحماض المسببة للقرحة المعدية (Stomach ulcer)، كما يعد أيضا من مدرات البول (Diuretic) مما يساعد في علاج مشكلات المعدة والكلى.
تقليل خطر الإصابة بالسرطان:
يحتوي السواك على خصائص مضادات للأكسدة مثل البيروكسيديز والكاتلاز التي قد تساعد في تقليل خطر الإصابة بالسرطان، وتجعل إستخدامه مساهمًا في مقاومة الخلايا السرطانية، وعلى الرغم من ذلك لم يتم تحديد مدى فعالية السواك في مقاومة السرطان حتى الآن. بالإضافة إلى ذلك يحتوي السواك على مكونات نشطة لها خصائص مسكنة للألم (Pain reliever) ومضادة للإلتهاب، تُستخدم لتقليل الإلتهاب والألم، وخاصةً ألم وإلتهاب اللثة.فوائد السواك للتنحيف:
ينصح البعض بطحن عود الأراك وغليه لإستخدامه في علاج السمنة ظنًا منهم أن شربه يقلل من الشهية ويفقد الشخص بعض الوزن، وفي الحقيقة ليس هناك ما يثبت فوائد السواك للتنحيف بشكل قاطع ولكن قد يساعد بطرق غير مباشرة في تنحيف الجسم عن طريق تنظيم عملية الهضم وتحسينها. ويمكن أيضا أن يساعد إستخدام السواك على تحسين مخارج النطق وتقوية الصوت والقضاء على مشكلة بحة الصوت، وفي الإقلاع عن التدخين.
الأثار الجانبية للمسواك:
بالرغم من أن السواك له العديد من الفوائد إلا أن هناك بعض الآثار الجانبية والتي قد تحدث نتيجة للإستخدام الخاطئ أو المفرط له، ومن هذه الأضرار ما يلي: وجد أنه عند الإستخدام العنيف للمسواك فقد يؤدي ذلك إلى نزيف في اللثة مصاحب له بعض الآلام الشديدة، كما قد يؤدي إلى تآكل المينا، فينبغي إستخدام المسواك بلطف لتجنب هذه المشكلة. كما أنه في بعض الحالات، قد يعاني الأشخاص من حساسية للمسواك، مما يؤدي إلى تهيج اللثة وإحمرارها. وهناك بعض الأضرار التي قد تنتج عن إستعمال السواك منها: إنتقال الفيروسات والميكروبات عند شراء السواك من مصدر مجهول، أو قد يساهم عدم تنظيف السواك جيدًا، وقطع الشعيرات القديمة، في إنتقال البكتيريا والجراثيم، فيجب غسله جيدًا بالماء قبل الإستخدام.يُوصَى بإستخدام المسواك بمعدل ثلاث مرات في اليوم بعد كل وجبة طعام، ولكن يجب العلم أن استخدامه بشكل منتظم هو الأمر المهم، من خلال إتباع الطريقة الصحيحة وتوجيه المسواك على جميع الأسطح السنية وبين الأسنان، بحيث يجب أن تستغرق عملية تنظيف الأسنان بالسواك حوالي 2-3 دقائق في كل مرة. ومن المهم أيضًا أن تعلم أن استخدام المسواك ليس بديلاً كاملاً لفرشاة الأسنان والمعجون، وينصح بالجمع بين استخدام المسواك وفرشاة الأسنان للحصول على نظافة شاملة للفم والأسنان، كما يجب العلم أنه لا يستخدم كعلاج لمشكلة التسوس، وأمراض اللثة لأنه وسيلة تنظيف ووقاية فقط.
اعداد
الدكتورة فاطمة على أحمد - نائب رئيس مركز بحوث الصحراء السابق للبحوث والدراسات والمشروعات



