تُعد سلالة الأبقار الهولشتاين (Holstein) من أكثر السلالات العالمية تميزًا في إنتاج اللبن، وتمثل أحد الأعمدة الأساسية لتطوير قطاع الألبان في العديد من الدول المتقدمة. ومع التوجه الوطني في مصر نحو تحسين القطيع القومي عبر إدخال عجلات هولشتاين محسّنة، برزت مجموعة من التحديات الفنية والاقتصادية والإدارية التي تحول دون انتشار هذه السلالة بكفاءة بين صغار المزارعين والمربين.

أولًا: التحديات المناخية والبيئية

1. الحرارة والرطوبة المرتفعة: الأبقار الهولشتاين حساسة للإجهاد الحراري، ما يؤدي إلى انخفاض استهلاك العلف والإنتاجية وتراجع الخصوبة.
الحل المقترح: تصميم حظائر جيدة التهوية، واستخدام أنظمة الرذاذ والتبريد التبخيري.

2. قلة توافر المراعي الطبيعية والخضراء: يعتمد معظم المربين على الأعلاف المركزة والمخلفات الزراعية، مما يزيد التكلفة.
الحل: تشجيع زراعة محاصيل علفية عالية الإنتاجية مثل الذرة الرفيعة والدخن والبرسيم المستديم.

ثانيًا: التحديات التغذوية والفنية

1. ارتفاع تكلفة الأعلاف المركزة: تمثل الأعلاف أكثر من 60–70٪ من التكلفة التشغيلية.
2. ضعف المعرفة ببرامج التغذية المتوازنة: كثير من المربين يستخدمون خلطات عشوائية.
3. عدم توفر الأعلاف الجيدة بصفة مستمرة: الاعتماد على السوق المفتوح يؤدي إلى تذبذب الأسعار وجودة المكونات.

ثالثًا: التحديات الصحية والإدارية

1. انتشار الأمراض الوبائية والطفيليات: غياب برامج التحصين المنتظمة يزيد من معدلات النفوق.
2. سوء إدارة الحظائر: نقص التهوية والمساحة يؤثر سلبًا على راحة الحيوان.
3. ضعف نظم التسجيل والمتابعة: غياب السجلات الدقيقة للحليب والتغذية والتكاثر.

رابعًا: التحديات الاقتصادية والتمويلية

1. ارتفاع تكلفة الاستيراد والتأمين.
2. محدودية التمويل الزراعي الموجه للمربين الصغار.
3. عدم استقرار أسعار الألبان.

خامسًا: التحديات الاجتماعية والمعرفية

1. مقاومة التغيير من قبل المربين التقليديين.
2. نقص التدريب والإرشاد الزراعي المتخصص.
3. ضعف الوعي بالجدوى الاقتصادية طويلة الأجل.

سادسًا: التحديات المؤسسية والتنظيمية

1. غياب برامج وطنية متكاملة لتحسين القطيع.
2. ضعف التنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص.
3. نقص نظم التتبع والتحسين الوراثي المحلي.

فى نهاية المطاف فإننا نرى إن نشر سلالة الهولشتاين المحسّنة بين المزارعين المصريين يمثل خطوة استراتيجية نحو تطوير صناعة الألبان وتحقيق الأمن الغذائي، لكنه يتطلب رؤية متكاملة تجمع بين التكيف المناخي المحلي، الدعم الفني والإرشادي، التمويل الميسر، والتدريب المستمر.

كما أن تعزيز الشراكة بين الدولة، الجمعيات الأهلية، ومراكز البحوث مثل جمعية البيئة العربية (TASTE) يمكن أن يشكل نقطة انطلاق حقيقية نحو منظومة إنتاج مستدامة للألبان في مصر.

إعداد: أ.د. عبد العزيز نور أستاذ تغذية الحيوان والأسماك ورئيس مجلس إدارة جمعية البيئة العربية