ُيعد التهاب العضلات المناعي (Polymyositis) من الأمراض المناعية الذاتية النادرة التي تنشأ عندما يهاجم جهاز المناعة ألياف العضلات الهيكلية، مما يؤدي إلى ضعف تدريجي وألم في العضلات، خصوصًا تلك القريبة من مركز الجسم مثل عضلات الكتف والحوض. وغالبًا ما يظهر ذلك في صورة صعوبة في صعود السلالم أو رفع الذراعين.
وفي بعض الحالات يمتد الالتهاب إلى الجلد، مسببًا طفحًا جلديًا مميزًا كما في حالة التهاب العضلات والجلد المناعي (Dermatomyositis)، وقد يترافق مع أمراض مناعية أخرى مثل الذئبة الحمراء أو متلازمة مضاد السينثيتاز التي تشمل إصابة الرئة والمفاصل.
يُشخَّص المرض اعتمادًا على الفحص الإكلينيكي، وارتفاع إنزيمات العضلات (CK، LDH، Aldolase)، ووجود أجسام مضادة نوعية مثل Anti-Jo1 وAnti-Mi-2، إضافة إلى رسم العضلات الكهربائي (EMG) أو الرنين المغناطيسي للعضلات، وفي بعض الحالات تُؤخذ عينة نسيجية (Muscle Biopsy) لتأكيد التشخيص واستبعاد الأسباب الأخرى لضعف العضلات مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو استخدام أدوية الستاتين.
أما العلاج الطبي فيعتمد على الكورتيزون كخيار أول، يليه الأدوية المناعية المساعدة، وقد تُستخدم العلاجات البيولوجية أو الحقن الوريدي بالغلوبولين المناعي في الحالات المقاومة.
غير أن الاهتمام المتزايد بالطب التكميلي والمنتجات الطبيعية فتح الباب أمام البحث في دور النباتات الطبية كمساند للعلاج التقليدي.
فقد أظهرت بعض الدراسات أن بعض المستخلصات النباتية قد تمتلك خصائص مضادة للالتهاب ومُنظِّمة للمناعة، مما يجعلها واعدة في تحسين وظيفة العضلات وتقليل الإجهاد التأكسدي المرتبط بالمرض.
من هذه النباتات:
•الكركم : يحتوي على مركب الكركمين الذي يقلل من نشاط السيتوكينات الالتهابية مثل TNF-α وIL-6، مما يساعد في تهدئة الالتهاب العضلي.•الزنجبيل: يمتاز بخصائصه المضادة للأكسدة والمساعدة على تحسين الدورة الدموية العضلية.
•الشاي الأخضر: غني بمركبات البوليفينول التي تعمل على تقليل الإجهاد التأكسدي وتحسين استجابة الخلايا المناعية.
•الأشواجندا: أظهرت دراسات أنها تدعم وظيفة العضلات وتقلل من تلف الألياف العضلية بآليات تتعلق بتنظيم محور الكورتيزول والمناعة.
•الكرفس والشبت واليانسون: تحتوي على زيوت طيارة ذات تأثيرات مضادة للالتهاب يمكن أن تسهم في الحد من الإجهاد التأكسدي المصاحب للمرض.

ورغم أن هذه النباتات لا تُعد بديلًا عن العلاج الطبي، إلا أنها قد تمثل إضافة علاجية واعدة عند دمجها في برنامج غذائي متوازن وتحت إشراف الطبيب، خاصة في الحالات التي تتطلب تقليل جرعات الكورتيزون تدريجيًا لتفادي آثاره الجانبية.
وفي النهاية نحب ان نوضح أن التهاب العضلات المناعي يعد مثالًا واضحًا على التداخل المعقد بين جهاز المناعة والأنسجة العضلية. ويُظهر الاتجاه العالمي للطب الحديث أن الجمع بين العلاج الدوائي الموجّه والمكملات النباتية المضادة للالتهاب قد يفتح آفاقًا جديدة لتحسين نوعية الحياة لدى المرضى ويساهم في تقليل المضاعفات طويلة الأمد
د نجلاء حمدي
أستاذ الكيمياء الحيوية الطبية والمنتجات الطبيعية المساعد مركز بحوث الصحراء