يُعد السماق (Rhus coriaria L.) من النباتات العطرية المميزة التي تنتمي إلى الفصيلة (Anacardiaceae)، ويضم جنسه أكثر من 250 نوعًا منتشرة في مناطق مختلفة من العالم. ويُزرع على نطاق واسع في مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط، وشمال إفريقيا، وأجزاء من أوروبا وآسيا. اشتهر السماق منذ العصور القديمة باستخدامه كأحد التوابل الغذائية المهمة، لما يضيفه من نكهة حمضية مميزة إلى الأطعمة، إضافة إلى مكانته الطبية التي دعمتها العديد من الدراسات الحديثة.
الفوائد الغذائية للسماق
   السماق نبات غني بالعناصر الغذائية الأساسية والفيتامينات، حيث يحتوي على:
● البروتينات بنسبة تقارب 2.5%.
● الألياف الغذائية يحتوى على نسبة مرتفعة (~18.4%)، مما يعزز صحة الجهاز الهضمي.
● الزيوت الدهنية (~17.4%)  والتي تضم أحماضًا دهنية مهمة مثل اللينوليك، الأوليك، البالمتيك، واللينولينيك.
● المعادن مثل الكالسيوم، الفوسفور، المغنيسيوم، البوتاسيوم، والحديد.
● الفيتامينات بما في ذلك فيتامينات ب المركبة B1 )  ، B2، B3، B6، B7،  B12 وفيتامين (C، التي لها وظائف حيوية متعددة بالجسم.
● كما يُعدّ مخزناً غنياً بالعديد من المركبات الفعالة بيولوجيًا والتى تتضمن الأحماض الفينولية مثل حمض الجاليك، الفيروليك، الكلوروجينيك، السيناميك، والكافئيك. الفلافونويدات مثل الكويرسيتين، الكامبفيرول، الأبجينين، والإبيكاتيشين، التي تمتاز بخصائصها المضادة للأكسدة. التانينات بما فيها حمض الجاليك ومشتقاته. الأنثوسيانينات مثل السيانيدين والبيونيدين والدلفينيدين، والتي تمنحه اللون الأحمر المميز وتعمل كمركبات مضادة للجذور الحرة.
● كما يتميز بأنه منخفض السعرات وغني بالمكونات النشطة حيث يتميز السماق بانخفاض محتواه من السعرات الحرارية والدهون، مما يجعله خيارًا مثاليًا لتعزيز النكهة دون إضافة سعرات زائدة، إلى جانب احتوائه على مركبات نشطة بيولوجيًا ذات تأثيرات مضادة للالتهاب ومضادة للبكتيريا.
● غني بالأحماض العضوية المفيدة مثل مثل حمض الجاليك وحمض الماليك، اللذين يساهمان في تحسين التوازن الحمضي القاعدي في الجسم، وتحفيز إفراز العصارات الهضمية، مما يعزز امتصاص العناصر الغذائية.
الفوائد الصحية للسماق 
1. النشاط المضاد للبكتيريا والالتهابات
● أظهرت مستخلصات الميثانول من السماق فعالية ضد العديد من البكتيريا الممرضة المنقولة بالغذاء مثل Klebsiella، Escherichia coli، Staphylococcus aureus، وأنواع Shigella. ويرجع هذا التأثير إلى محتواه من الفلافونويدات، التانينات والمركبات الفينولية.
● كما أظهر السماق تأثيرًا مضادًا للالتهابات ضد Helicobacter pylori، مما يجعله مثالياً وواعدًا للوقاية من التهابات المعدة.
2. النشاط المضاد للفيروسات
● يحتوي السماق على مركبات بيوفلافونويد قادرة على تثبيط نشاط بعض الفيروسات التنفسية وفيروسات الهربس.
● كما أشارت الدراسات الحديثة أن مركبات مثل Hinokiflavone وMyricetin تملك فعالية ضد فيروس كوفيد-19، مما يعزز أهميته كمكمل داعم للبروتوكولات العلاجية.
3. النشاط المضاد للأكسدة والسرطان
● للسماق قدرة عالية على التخلص من الجذور الحرة المسؤولة عن الإجهاد التأكسدي. وترجع فعاليته المضادة للأكسدة إلى إرتباطه بارتفاع محتوى البوليفينولات، وخاصة في مستخلصات الأسيتون.
● كذلك أظهر نتائج واعدة ضد عدة أنواع من السرطان (الثدي، القولون، الرحم، عنق الرحم، الشبكية).
4. الحماية من الدهون (Cardioprotective & Hypolipidemic)
● الفلافونويدات والبوليفينولات تقلل امتصاص الدهون من الأمعاء، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية و LDL.
5. النشاط المضاد لمرض السكري (Hypoglycemic)
● يحسّن السماق من تحمل الجلوكوز ويخفض مستويات السكر والأنسولين في الدم. والذى اتضح من خلال تجارب على حيوانات ومرضى السكري من النوع الثاني أثبتت أن استهلاك السماق يؤدي إلى انخفاض كبير في مستويات السكر الصائم والأنسولين.
6. فوائد أخرى
● يقى من تسوس الأسنان نظراً لأنه يقلل من نشاط Streptococcus mutans المسبب لتسوس الأسنان دون التأثير على البكتيريا النافعة.
● التئام الجروح: يسرع شفاء الجروح .كذلك يعمل كمضاد للإسهال . 
● الأمراض العصبية: يثبط إنزيمات مرتبطة بالاضطرابات التنكسية العصبية.
● أمراض الكبد: أظهر فعالية في التخفيف من تليف الكبد ومرض الكبد الدهني.
● السمنة: يساهم في خفض الوزن عبر خصائصه المضادة للأكسدة.
التطبيقات الغذائية للسماق 
لم يعد استخدام السماق مقتصرًا على كونه بهارًا تقليديًا يمنح النكهة الحامضية المميزة للأطباق الشرقية، بل أصبح اليوم واحدًا من أهم الإضافات الطبيعية الواعدة في صناعة الغذاء الحديثة نظرًا لخصائصه الوظيفية المتعددة. وذلك لما يتمتع به من خصائص مضادة للأكسدة ومضادة للميكروبات وملوِّنة طبيعية، مما يمنحه دورًا مهمًا في تحسين جودة الأغذية ورفع مدة صلاحيتها.
● كمادة حافظة طبيعية
أظهرت مستخلصات السماق كفاءة ملحوظة في تثبيط مجموعة واسعة من البكتيريا المسببة لفساد الأغذية مثل Staphylococcus aureus، E. coli، Salmonella، وBacillus cereus. وقد استُخدم السماق بنجاح في حفظ منتجات متعددة تشمل معجون الطماطم، العصائر، الشوربة، والجبن التقليدي، حيث ساهم في تقليل الحمل الميكروبي وإطالة فترة الصلاحية دون الحاجة لمواد حافظة صناعية.
● كمضاد أكسدة طبيعى  
بفضل محتواه العالي من الفينولات والتانينات والأنثوسيانينات، يلعب دورًا فعّالًا في الحد من أكسدة الدهون، وهو ما أثبتته التجارب عند إضافته إلى زيوت مثل زيت الفول السوداني، منتجات اللحوم كالكفتة والبرغر، وكذلك الألبان المخزنة. وفي كثير من الحالات تفوق أداؤه على مضادات الأكسدة الصناعية مثل BHT وBHA .
● كملوِّن غذائي طبيعي
اللون الأحمر الأرجواني المميز للسماق ناتج عن مركبات الأنثوسيانين، مما جعله يُستخدم كبديل آمن للألوان الصناعية في المشروبات، تتبيلات السلطات، المخبوزات، ومنتجات الألبان المنكّهة، حيث يمنح اللون والنكهة في آن واحد.
● في صناعة منتجات الألبان
أثبتت الدراسات أن إضافة مستخلص أو مسحوق السماق إلى الحليب المبستر، الجبن الطري، والزبادي يعزز من خواصها الميكروبية والحسية، بالإضافة إلى رفع محتواها من المركبات المضادة للأكسدة، كما أظهر تأثيرًا إيجابيًا على القوام والطعم والقبول الحسي.
● في منتجات اللحوم 
أشارت العديد من الدراسات الحديثة فى هذا الصدد أن إضافة مستخلص السماق إلى اللحم المفروم والبرجر ساعد في تقليل أكسدة البروتين والدهون وتأخير علامات التلف، الأمر الذي انعكس على تحسين النكهة وزيادة فترة التخزين.
وبصفة عامة يمكن القول أن السماق لم يعد مجرد بهار تقليدي، بل أصبح يُصنَّف اليوم كمكوّن غذائي متعدد الوظائف (Natural Multifunctional Agent) يجمع بين دوره كمادة حاسمة في الحفظ (Preservative)، ومعززة للجودة الحسية (Flavor & Color Enhancer)، وداعمة للقيمة الصحية (Functional Ingredient). وبفضل طبيعته النباتية الآمنة وخلوه من المضافات الصناعية، ينظر إليه حاليا كخيار مثالي وواعد ضمن توجهات “Clean Label” التي تسعى صناعة الأغذية عالميا لتبنيها.
إعداد
د. مها إبراهيم كمال على
باحث أول بقسم الأغذية  – معهد بحوث تكنولوجيا الاغذية – مركز البحوث الزراعية . الأسكندرية