أ
أ
يعد الألوفيرا (Aloe vera) من النباتات التي حظيت باهتمام علمي واسع, كما إستخدم نبات الألوفيرا (Aloe vera) منذ آلاف السنين كرمزٍ للعلاج الطبيعي وتجديد الحيوية، حتى أطلق عليه الفراعنة “نبات الخلود”. واليوم، لم يعد الألوفيرا مجرد مكون تجميلي أو علاج شعبي، بل أصبح محوراً علمياً في بحوث الأغذية الوظيفية والمنتجات الصحية. إذ يضم الجل الداخلي لأوراقه أكثر من 200 مركب نشط .
الفوائد العلاجية للألوفيرا
يعد الألوفيرا من أكثر النباتات غنى بالمركبات الفعالة ذات التأثيرات الصحية ، وتشمل:1. خصائص مضادة للأكسدة والالتهاب:
يحتوي جل الألوفيرا على مركبات فينولية وإنزيمات مثل الكاتالاز والسوبرأوكسيد ديسميوتاز، تعمل على مقاومة الجذور الحرة وحماية الخلايا من الإجهاد التأكسدي، مما يساعد في الوقاية من أمراض القلب والشيخوخة المبكرة.2. التئام الجروح وتجديد الأنسجة:
بفضل مركبات الأسيمنان والجلوكومانان، يحفز الألوفيرا إنتاج الكولاجين ويسرع من تجديد الخلايا الجلدية، وهو ما يفسر استخدامه في المستحضرات الجلدية والمراهم الطبية.3. تنظيم الجهاز الهضمي:
يُسهم استهلاك جل الألوفيرا في تهدئة التهابات المعدة وتنظيم حركة الأمعاء بفضل محتواه من الألياف والمركبات المخاطية، كما يعمل كملين طبيعي لطيف.4. خفض مستوى السكر والدهون:
أظهرت دراسات أن استهلاك مستخلص الألوفيرا يحسن من حساسية الإنسولين ويقلل من مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم، مما يجعله مكونا فعالا ومثاليا في الأغذية الموجهة لمرضى السكري والسمنة.5. تعزيز المناعة ومقاومة الميكروبات:
تمتلك المركبات الأنثراكينونية والسابونينات والفينولات في الألوفيرا نشاطا مضادا للبكتيريا والفطريات والفيروسات،. مضادا للميكروبات، ومضادة للأورام، ومضادة للأكسدة. ويعتبر الأسيمانان (Acemannan) هو المركب النشط الرئيس في جل الألوفيرا، ويلعب دورا مهما في تعزيز المناعة وتحفيز تجدد الخلايا والأنسجة. القيمة الغذائية للألوفيرا
من الناحية التغذوية، يعد جل الألوفيرا مصدرا غنيا بالعناصر الحيوية الأساسية:● الفيتامينات: مثل C وE وB1 وB6 وB12 والفوليك أسيد.
● المعادن: الكالسيوم، المغنيسيوم، الحديد، الزنك، والبوتاسيوم.
● الأحماض الأمينية: يحتوي على معظم الأحماض الأمينية الأساسية التي يحتاجها الجسم.
● السكريات الحيوية (Polysaccharides): مثل الأسيمنان، التي تمنح الألوفيرا خصائصه اللزجة المميزة وتساهم في تعزيز جهاز المناعة وصحة الجهاز الهضمي.
● كذلك يحتوى على الكاروتينويدات والفلافونويدات و (Tannins)، وهي مركّبات معروفة بقدرتها على مقاومة الجذور الحرة وحماية الخلايا من الإجهاد التأكسدي
● هذا التنوع في مكونات الألوفيرا يجعل منه غذاء ذا طابع دوائي (Nutraceutical) يجمع بين التغذية والعلاج.
التطبيقات الغذائية للألوفيرا
شهدت السنوات الأخيرة توسعا في استخدام الألوفيرا كمكوّن طبيعي في الصناعات الغذائية بفضل خواصه الحافظة والوظيفية. وفيما يلي أبرز تطبيقاته:1- كمادة حافظة طبيعية
أثبتت دراسات حديثة أن مسحوق جل الألوفيرا (AGP) يمكن استخدامه كبديل طبيعي للمواد الحافظة الكيميائية في الأغذية. فقد أظهر فعالية في إطالة العمر التخزيني لمنتجات اللحوم مثل قطع الدجاج المطهية جزئيا، إذ قلل من الحمل الميكروبي وحافظ على جودة القوام والطراوة بفضل محتواه من البوليسكريات المكوِّنة للجيل مثل الأسيمنان والسيليلوز، والتي تقلل من تفاعل البروتينات وتحسن القوام. كما تستخدم أغلفة الألوفيرا لتغطية الفواكه والخضروات الطازجة، مما يقلل من فقد الماء ويؤخر النضج ويحافظ على فيتامين C، كما في حالة الطماطم والبرقوق والكيوي. وتمتاز هذه الطلاءات بكونها آمنة وغير سامة، مما يجعل الألوفيرا بديلا واعدا للمواد الحافظة الصناعية في الأغذية الطازجة والمصنعة على حد سواء.2- في منتجات المخابز
أظهر الألوفيرا نتائج واعدة في تحسين جودة المخبوزات والمنتجات القائمة على العجين، مثل الخبز والبرغر والكعك. فقد وجد عند إضافته للعجين كمادة هيدروكولويد، يساهم في زيادة امتصاص الماء وإطالة مدة التخمير وتحسين القوام العام. كما يعمل جل الألوفيرا كبديل طبيعي للدهون في الكعك منخفض السعرات، مما يجعله خيارا مثاليا للأشخاص الذين يعانون من السمنة أو يسعون للمحافظة على الوزن.وأشارت دراسات أخرى إلى أن إضافة مسحوق الألوفيرا بنسبة تصل إلى 9% أدت إلى تحسين جودة الخبز وزيادة مدة صلاحيته، مما يعزز من إمكانياته كمكون طبيعي وظيفي في الصناعات المخبوزة.
3- في منتجات الألبان
يمثل دمج الألوفيرا في منتجات الألبان مجالا واعدا لإنتاج أغذية وظيفية غنية بالمركبات الحيوية. فقد أثبتت الأبحاث أن الزبادي المدعم بجل الألوفيرا يحتوي على نسبة أعلى من الألياف والمغذيات النباتية مثل الصابونينات والفلافونويدات، مع انخفاض محتوى الدهون. كما أظهر هذا النوع من الزبادي خصائص بروبيوتيك محسنة وطعما مفضلا لدى المستهلكين. وفي منتجات اللبن الرائب أدى تعزيز العصير بالألوفيرا إلى زيادة اللزوجة وتحسين القيمة الغذائية بفضل ارتفاع محتوى فيتامين C والحديد والألياف. 4- في المشروبات الوظيفية
تمثل المشروبات الصحية أحد أكثر المجالات التي لاقت فيها الألوفيرا رواجا. إذ يستخدم جل الألوفيرا أو عصيره في تحضير مشروبات غنية بمضادات الأكسدة والمعادن والفيتامينات. لذلك طورت مشروبات جاهزة للشرب (RTS) تعتمد على خليط من عصير الألوفيرا مع الفواكه مثل المانجو ، مما حسن من الطعم والقيمة الغذائية مع الحفاظ على القبول الحسي للمستهلكين.كما أظهرت تقنيات المعالجة بالضغط العالي (HPP) فاعليتها في الحفاظ على نضارة المشروبات الغنية بالألوفيرا لمدة تصل إلى 100 يوم عند التخزين المبرد، دون التأثير على الخصائص الحسية.
5- كمكمّل غذائي
يستخدم الألوفيرا على نطاق واسع في إنتاج المكملات الغذائية نظرا لمحتواه العالى من العناصر الحيوية ذات التأثيرات الفسيولوجية المفيدة. وتستخلص منه أشكال متعددة مثل مسحوق الورقة الكاملة أو الجل الداخلي المجفف بالرش، أو حتى مكعبات الألوفيرا المجففة بالضغط العالي، التي تضاف للأغذية الوظيفية لتعزيز قيمتها الصحية. وتشير الدراسات إلى أن المعالجة بالضغط العالي تحسن من خصائص الألوفيرا كمكوّن غذائي من خلال زيادة نفاذية الرطوبة والحفاظ على القوام، مما يجعله مناسبًا للاستخدام في المكملات والأطعمة الصحية.
وبصفة عامة يمثل الألوفيرا مادة طبيعية متعددة الاستخدامات قادرة على الربط بين الغذاء والدواء، ويمتلك إمكانات هائلة لتطوير منتجات غذائية مبتكرة ذات خصائص علاجية ووظيفية متقدمة. ومن المتوقع أن يزداد استخدامه في الصناعات الغذائية المستقبلية، خاصة في الأغذية الموجّهة للأشخاص ذوي الاحتياجات الصحية الخاصة (مرضى السكري، السمنة، واضطرابات الجهاز الهضمي).
ومع استمرار التقدم في تكنولوجيا الأغذية، فإن دمج الألوفيرا مع مكونات طبيعية أخرى سيفتح آفاقا جديدة لإنتاج “الأغذية الذكية” التي تغذي وتعالج في آن واحد.
إعداد
د. مها إبراهيم كمال على
باحث أول بقسم الأغذية الخاصة والتغذية – معهد بحوث تكنولوجيا الاغذية – مركز البحوث الزراعية.



