تشهد أسواق الذهب في مصر اليوم حالة من التذبذب الملحوظ، إذ سجّلت الأسعار تراجعًا مقارنة بالفترات السابقة، متأثرة بشكل مباشر بالتطورات الاقتصادية العالمية، وخاصة القرارات المنتظرة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة. وجاءت الأسعار المسجّلة في السوق المحلي وفق التعاملات الأخيرة على النحو التالي: بلغ سعر جرام الذهب من عيار 24 نحو 6240 جنيهًا، بينما وصل جرام الذهب الأكثر تداولًا في مصر، وهو عيار 21، إلى 5460 جنيهًا. أما جرام الذهب عيار 18 فقد سجل 4689 جنيهًا، في حين استقر سعر الجنيه الذهب عند مستوى 43,680 جنيهًا.

هذا التراجع في الأسعار محليًا يتزامن مع تحركات عالمية مرتبطة بتغير توقعات الأسواق بشأن مسار الفائدة الأمريكية. ففي الأسابيع الماضية، كانت هناك توقعات قوية تشير إلى احتمالية قيام الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة، وهو ما يُعتبر عاملًا داعمًا لارتفاع الذهب. وذلك لأن الذهب بطبيعته لا يُدرّ عائدًا، وعندما تنخفض الفائدة على السندات الأمريكية، تقلّ جاذبية الاستثمار في الأصول ذات العائد الثابت، مما يدفع المستثمرين إلى الاتجاه نحو الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا وأصلًا يحافظ على قيمته.

إلا أن الصورة في الأسواق العالمية تبدلت مؤخرًا، حيث تراجعت احتمالات خفض الفائدة خلال اجتماع الفيدرالي القادم في ديسمبر ووفق أحدث التوقعات، أصبحت الأسواق تُقدّر احتمال الخفض بنسبة 46% فقط، مقارنة بتوقعات سابقة وصلت إلى 50% ورغم أن الفارق يبدو طفيفًا، فإن تأثيره على الذهب كان سريعًا وملحوظًا، إذ أدى هذا التراجع في التوقعات إلى زيادة الضغط على أسعار الذهب عالميًا، وبالتالي انعكس أثره على السوق المحلي.
ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن الذهب يظل من أكثر السلع تأثرًا بتوقعات الفائدة، فكلما زادت التوقعات برفع الفائدة أو تأخّر خفضها، يميل الذهب للتراجع بسبب ارتفاع تكلفة الفرصة البديلة للاستثمار فيه. أما إذا عاد التفاؤل بشأن خفض الفائدة في الاجتماعات القادمة، فمن المحتمل أن يستعيد الذهب جزءًا من مكاسبه.
في النهاية، تبقى أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة مرهونة بمسار السياسة النقدية الأمريكية، إلى جانب حركة الدولار عالمياً، ومستجدات الأسواق المالية، ما يجعل المتابعين في حالة ترقب مستمر لأي تصريحات أو بيانات جديدة قد تصدر عن الفيدرالي وتغير اتجاهات السوق مرة أخرى.





