قال المهندس محمد وهبي، خبير الإدارة الاستراتيجية والعمليات في صناعة السيارات والتنقل، والرئيس التنفيذي لشركة وهبي جروب للاستشارات، إن سوق السيارات المصري شهد خلال الفترة الأخيرة تراجعًا ملحوظا في الأسعار، مؤكدًا أن هذا التراجع يُعد تصحيحًا طبيعيًا للسوق بعد فترة طويلة من الاضطرابات وعدم التوازن، وليس انهيارًا كما يعتقد البعض.
وأوضح وهبي في تصريح خاص لـ " اجري نيوز" أن موجة الارتفاعات السابقة لم تكن مرتبطة بالتكلفة الفعلية للإنتاج أو الاستيراد، ولا بأي منهج علمي أو منطقي للتسعير، وإنما جاءت نتيجة تسعير قائم على الخوف والمضاربة، في ظل نقص المعروض، وعدم وضوح سياسات الاستيراد، وتذبذب سعر الصرف.
وأشار إلى أنه مع تحسن الرؤية نسبيًا، وعودة تدفقات محدودة من السيارات المستوردة، إلى جانب سرعة زيادة المعروض من السيارات المجمعة محليًا، بدأ السوق في إعادة ضبط نفسه وتصحيح أوضاعه تدريجيًا.
النظر في سياسات التسعير
ولفت خبير صناعة السيارات إلى أن ضعف القوة الشرائية للمستهلك، نتيجة معدلات التضخم المرتفعة، لعب دورًا رئيسيًا في تراجع الطلب الحقيقي، وهو ما دفع الوكلاء والتجار إلى إعادة النظر في سياسات التسعير، والدخول في منافسة قوية فيما بينهم للحفاظ على الحصص السوقية، خاصة مع دخول عدد كبير من العلامات التجارية الجديدة والمتنوعة التي تقدم إمكانيات وتجهيزات لم يشهدها السوق من قبل، ما أدى إلى اشتداد المنافسة داخل الفئات السعرية نفسها.

وأضاف وهبي أن السوق يشهد حاليًا ظاهرة غير معتادة تتمثل في منافسة مباشرة بين السيارات الجديدة والمستعملة، حيث تقلصت الفجوة السعرية التقليدية بينهما بشكل كبير، وأصبحت بعض السيارات المستعملة تُعرض بأسعار تقترب من أسعار سيارات جديدة لعلامات أخرى، وهو ما يرجع إلى سياسات تسعير غير منطقية اتبعها بعض تجار السيارات المستعملة في فترات سابقة سعيًا لتحقيق أرباح سريعة.
تكاليف صيانة السيارات
وأكد أن هذه المنافسة غير المنطقية تُعد نتيجة لظرف استثنائي يمر به السوق، وليست قاعدة دائمة، مشيرًا إلى أن ارتفاع تكاليف صيانة السيارات المستعملة وعدم استقرار أسعار قطع الغيار أسهما في توجيه جزء من الطلب مرة أخرى نحو السيارات الجديدة، خاصة التي توفر ضمانًا واضحًا وتكلفة تشغيل أكثر استقرارًا.
وشدد وهبي على أن قرار شراء السيارة في المرحلة الحالية يجب ألا يعتمد على السعر فقط، بل ينبغي أن يستند إلى دراسة شاملة لاحتياجات المستخدم، وفترة الاحتفاظ بالسيارة، وتكاليف التشغيل والصيانة، والغرض من الشراء سواء للاستخدام الشخصي أو بغرض إعادة البيع.
وتوقع خبير صناعة السيارات أن يشهد السوق خلال الفترة المقبلة حالة من الاستقرار النسبي مع استمرار تصحيح الأسعار، على أن تعود الفجوات الطبيعية بين السيارات الجديدة والمستعملة تدريجيًا، في حال استقرار سلاسل الإمداد وتحقيق توازن حقيقي بين العرض والطلب.





