أكد أحد الإعلاميين أن الفيضانات العنيفة التي تشهدها إثيوبيا خلال الأيام الأخيرة لم تكن مجرد أمطار موسمية اعتيادية، بل كوارث مائية تاريخية أدت إلى غرق مناطق واسعة، وتسببت في فقدان السيطرة على التدفقات المائية، ما اضطر السلطات الإثيوبية إلى فتح بوابات سد النهضة بشكل مفاجئ بعد عجزه عن استيعاب الكميات الهائلة من المياه.


وأشار إلى أن هذا الإجراء يكشف وجود مشكلات فنية خطيرة في تصميم وتشغيل السد، وليس مجرد تصرف طارئ، محذرًا من أن اندفاع هذه الكميات نحو النيل الأزرق كان من الممكن أن يؤدي إلى كارثة مماثلة لفيضانات أعوام 1964 و1988، لولا أن الدولة المصرية كانت على أتم الاستعداد.

وأوضح أن مصر نفذت خلال السنوات الماضية سلسلة من المشروعات الاستراتيجية التي أسهمت في رفع قدرتها على مواجهة أي طارئ مائي، وعلى رأسها توسعة مشروع توشكى، الذي تحوّل من مشروع محل جدل إلى "خزان طبيعي ضخم" قادر على امتصاص أي زيادات مفاجئة في منسوب المياه، ليس فقط لحماية البلاد من الغرق، بل أيضًا لزيادة الرقعة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي.

وأضاف أن شبكات الترع الجديدة لا تُعد مجرد قنوات للري، بل باتت خطوط دفاع استراتيجية ضمن منظومة وطنية شاملة لإدارة المياه، حيث تم تصميمها لاستيعاب التدفقات المفاجئة، سواء الناتجة عن الفيضانات الطبيعية أو عن أي تصرفات غير متوقعة تتعلق بسد النهضة.

ولفت إلى أن مشروعات مثل محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، التي سجلت رقمًا قياسيًا عالميًا كأكبر محطة من نوعها، إلى جانب مشروع سرابيوم، ساهمت في مضاعفة الاستفادة من الموارد المائية وتحويل المياه المهدرة إلى مورد رئيسي للتنمية الزراعية.

كما أشار إلى أن خطة الدولة لم تقتصر على إنشاء مشروعات جديدة، بل شملت أيضًا تطوير البنية التحتية المائية القائمة، مثل رفع كفاءة السد العالي، وتحديث نظام توزيع المياه وفق آليات مرنة تضمن الاستدامة.

واختتم تصريحه بالتأكيد على أن ما يحدث اليوم في إثيوبيا يمثل شهادة عملية على صحة الرؤية المصرية، إذ أثبتت الأحداث أن البلاد لم تنتظر وقوع الأزمات، بل استبقت المخاطر بخطة متكاملة جعلت من التهديدات فرصة للإنجاز، محولة مياه الفيضان من خطر إلى وسيلة لتنمية الأرض وتأمين مستقبل الأجيال القادمة.