في قلب أعماق البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، تتحرك بسرعة مذهلة سمكة من أعظم مفترسات المحيط، إنها التونة زرقاء الزعنفة (Bluefin Tuna)، التي يلقّبها الصيادون بـ"الطوربيد الحي"، بفضل بنيتها العضلية الخارقة وسرعتها التي قد تتجاوز 80 كم/ساعة.

يصل طول التونة زرقاء الزعنفة إلى أكثر من 4 أمتار، ويزيد وزنها عن نصف طن، ويُعتقد أنها قد تعيش حتى 40 عامًا، لتُسجل نفسها كواحدة من أضخم وأسرع الأسماك في العالم، وأحد رموز القوة في عالم الكائنات البحرية.

أسطورة في المياه الزرقاء وصف بصري مدهش لعملاق المحيط

تحت سطح البحر، قد يبدو المشهد خالياً إلا من بساط أزرق مترامي الأطراف، لكن فجأة تموج المياه بأسراب التونة العملاقة، لتملأ الأفق البحري بحركتها السريعة.

زعانفها تلمع كحدّ السيف، وخاصرتها تشع كالدروع المعدنية، أما ذيلها فيدفعها كالسهام في عرض البحر.

تتحرك هذه الأسراب في تناغم مثالي، ثم تختفي في لحظات، مخلفةً وراءها دوامات مائية وحراشف لامعة من فرائسها، تلمع تحت أشعة الشمس كأنها حبات ألماس تتهادى نحو أعماق المحيط.

لماذا تُعد التونة زرقاء الزعنفة فريدة من نوعها؟

تنتمي التونة زرقاء الزعنفة إلى جنس Thunnus، وهو أكثر أنواع التونة تطوراً. وتتميز بما يلي:

قلب متطور قادر على ضخ الدم بكفاءة عالية.

نسبة هيموغلوبين مرتفعة تساعد على نقل الأكسجين بسرعة.

خياشيم كبيرة للتنفس السريع أثناء السباحة.

جسم دافئ (وهو أمر نادر في الأسماك) يحافظ على أداء عضلي قوي.

قدرة على السباحة لمسافات طويلة بسرعة فائقة.

كل هذه الخصائص تجعل من التونة زرقاء الزعنفة آلة طبيعية فريدة، صُممت بدقة مذهلة لتكون سيدة المحيطات بلا منازع.

تونة الأطلسي والباسيفيكي والجنوبية.. سيطرة عالمية

تنقسم التونة زرقاء الزعنفة إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

تونة الأطلسي (Atlantic Bluefin Tuna)

تونة الباسيفيكي (Pacific Bluefin Tuna)

تونة الجنوب (Southern Bluefin Tuna)

وقد اقتسمت هذه الأنواع الثلاثة محيطات العالم، باستثناء القطبين، لتُحافظ على توازن النظام البيئي البحري وتكون محورًا أساسيًا في سلسلة الغذاء.

التونة وعلاقتها بالإنسان.. تاريخ طويل من الصيد والرمزية

ليست التونة مجرد فريسة ثمينة أو مصدر للبروتين، بل تحمل علاقة تاريخية متجذرة مع الإنسان منذ آلاف السنين. فقد وثّق الصيادون اليابانيون صيد التونة الباسيفيكية منذ العصور القديمة، كما استُخدمت في الثقافات المتوسطية كرمز للقوة والازدهار.

اليوم، تُمثل التونة زرقاء الزعنفة محورًا أساسيًا في النقاشات البيئية حول الصيد الجائر واستدامة الأنواع البحرية، حيث تتعرض بعض أنواعها لخطر الانقراض بسبب الطلب العالمي المتزايد على لحومها.