تُعد قضية توفير الغذاء المناسب للنحل، خصوصًا خلال فصل الشتاء، تحديًا كبيرًا يواجهه مربو النحل حول العالم, في مصر، كشفت الجهود البحثية عن نبات واعد يُعرف باسم "خبز النحل"، والذي يُقدم حلًا طبيعيًا وفعّالًا لهذه المشكلة، مع إمكانيات كبيرة لتعزيز إنتاج العسل عالي الجودة.

رحلة اكتشاف وتوثيق "خبز النحل"

بدأت الأبحاث حول نبات "خبز النحل" في مصر منذ عام 2016، على الرغم من أن وزارة الزراعة كانت قد أصدرت نشرة علمية عنه في عام 1996، إلا أنه لم يُستغل بالشكل الأمثل, تم جلب بذور هذا النبات من جنوب شرق آسيا لإجراء التجارب عليها في المزارع المصرية، ونجحت هذه التجارب في زراعته بنجاح, وقد تابع مركز البحوث الزراعية هذا المشروع منذ عام 2021، مما أدى إلى إصدار قرارين وزاريين بتسجيله, يُظهر هذا الاهتمام المتزايد من الدولة التزامها بدعم قطاع النحالة وتوفير مصادر غذائية طبيعية للنحل.

خصائص النبات ودوره في تغذية النحل

يُزرع نبات "خبز النحل" في شهر سبتمبر، ويصل إلى قمة ازدهاره بعد 45 يومًا، أي خلال شهري أكتوبر ونوفمبر, تتزامن هذه الفترة مع بدء انخفاض درجات الحرارة، مما يجعله مصدر غذاء أساسي للنحل في الشتاء, يوفر هذا النبات كميات كبيرة من السكر، حيث يمكن لفدان واحد منه أن يغذي ما بين 80 إلى 100 خلية نحل، وهو ما يعزز إنتاج العسل بجودة عالية.

تُجرى الأبحاث حاليًا لاستخلاص الزيوت من هذا النبات، كما يجري العمل على ترخيص استخدامه في هيئة سلامة الأغذية, يُعرف النبات باسم "خبز النحل" في الوطن العربي، بينما تم تسجيله رسميًا تحت اسم "برج الأمن".

تأثير "خبز النحل" على إنتاجية العسل وأهمية النحل البيئية

يُؤكد خبراء أن فدانًا واحدًا من "خبز النحل" كافٍ لتغذية 80 إلى 100 خلية، وأن العسل المنتج منه يتميز بجودة عالية جدًا, تعتمد كمية العسل التي تنتجها كل خلية على قوتها وحيويتها.

يُعد النحل كائنًا حيويًا لا غنى عنه، فهو يمثل نموذجًا للتنظيم والعمل داخل الخليّة، وله دور أساسي يتجاوز التوازن البيئي ليصل إلى تحقيق الأمن الغذائي, يُعد النحل مسؤولًا عن تلقيح نحو 70% من المحاصيل الزراعية عالميًا, أي انخفاض في أعداد النحل يؤثر سلبًا على الإنتاج الزراعي، مما قد يؤدي إلى أزمة غذائية عالمية، كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية التي شهدت انخفاضًا بنسبة 50% في أعداد النحل بسبب الاستخدام المفرط للمبيدات والتغيرات المناخية.

تحديات تغذية النحل والحلول المستقبلية

يواجه النحل حاليًا تحديًا كبيرًا في العثور على الغذاء المناسب، حيث يعتمد النحالون على التغذية الصناعية خلال الشتاء باستخدام محلول السكر أو المعجنات المغذية, ويهدف البحث الحالي إلى إيجاد نباتات طبيعية يمكن أن توفر غذاءً أفضل للنحل في هذه الفترة، ويعتبر الحل الأمثل هو زراعة نباتات تزهر في الشتاء، مثل "خبز النحل"، مما يضمن استمرارية تغذية النحل دون الحاجة إلى بدائل صناعية.