أكد الدكتور ربيع الغفير، الأستاذ بكلية الدراسات العربية والإسلامية بجامعة الأزهر، أن ما تمر به مصر من محاولات شرسة لتزييف الوعي وتغييبه ليست مجرد حملات إعلامية عابرة، بل هي "حرب طروس" حقيقية تستهدف ضرب وعي الشعب، وتشتيت تماسكه، والنيل من صموده، مشددًا على أن المسؤولية الآن لا تقع فقط على عاتق الدولة، بل على كل فرد من أفراد هذا الشعب العظيم.
وقال الغفير، خلال حلقة برنامج "مع الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء: "ينبغي علينا كمصريين، كل واحد فينا، أن يستشعر أن عليه قسطًا من المسؤولية تجاه هذا الوطن المحفوظ بعناية الله، والذي ما زال، بفضل الله، متماسكًا، يملك جيشًا منظَّمًا، وشعبًا متلاحمًا، يعيش في رباط وتواصل ومحبة إلى يوم القيامة".
وأشار إلى أن استهداف مصر أمر طبيعي، لأنها، على خلاف كثير من دول العالم، ما تزال ثابتة في وجه العواصف العالمية سياسيًا واقتصاديًا، وتؤدي دورًا محوريًا لا يُرضي خصومها، مضيفًا أن المرحلة الحالية تستدعي تكاتفًا واصطفافًا وطنيًا، وعلى المؤسسات الثقافية والتوعوية أن تقوم بدورها الكامل.
وأضاف: "وزارة الشباب والرياضة، وزارة الثقافة، وزارة الإعلام، وزارة التربية والتعليم، وزارة التعليم العالي، الأزهر الشريف، الكنيسة المصرية، وغيرها من المؤسسات المعنية بالوعي والتثقيف، كلهم مدعوون الآن للقيام بواجب الوقت، في تنوير العقول، وتصحيح المفاهيم، وبث الثقة في نفوس الشباب، وتحذيرهم من الانسياق خلف الشائعات".
وحذّر الدكتور الغفير من خطورة التسرّع في إصدار الأحكام بناءً على معلومات مجتزأة أو مغلوطة، مستشهدًا بقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، مشيرًا إلى أن بعض القضايا قد تكون أعقد من قدرة المواطن العادي على تحليلها، ولذلك لا يصح أن ينشغل بها أو يُصدر بشأنها آراء قطعية.
وضرب مثالًا بما حدث مؤخرًا من تعديل بعض صياغات بيان الأزهر الشريف بشأن القضية الفلسطينية، وهو ما أثار لغطًا لدى البعض، رغم أن الأمر يتعلق بحسابات دقيقة للغاية تحكمها السياسة الدولية وتوازنات دقيقة، مؤكدًا أن الأزهر وشيخه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب لهما تاريخ ناصع في نصرة قضايا الأمة، من فلسطين إلى بورما، ومن البوسنة إلى الشيشان.
وتابع: "دور مصر لا يقبل المزايدة، ولا يصح أن يكون مادة للقيل والقال، فحين يُروَّج لمظاهرات أو تحركات أمام سفاراتها، فإن الهدف الحقيقي ليس التعبير، بل زعزعة الأمن القومي، الذي هو صمام الأمان لهذا البلد".
ووجه نداء واضح: "دورنا نحن أبناء هذا الوطن أن نكون على وعي وفهم عميق بهذه التحديات، وأن نلتف حول قيادتنا السياسية الواعية، لا أن نتحول إلى محللين سياسيين دون أدوات أو معلومات، فمصر أكبر من أن تُختزل في منشور، وأعمق من أن تُفهم من زاوية واحدة، وهي ستظل بحفظ الله، ثم بوعي أبنائها، شامخة عصية على الانكسار".