أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن إعداد خطاب ديني معاصر يصل إلى الشباب ويتفاعل مع المنصات الإلكترونية يتطلب جهدًا علميًا وتنظيميًا كبيرًا على مستويات متعددة، مشددًا على ضرورة وضع خطة شاملة يشارك فيها المتخصصون لتحديد من يتحدث باسم الدين، وما طبيعة المحتوى، وكيفية عرضه للجمهور المستهدف.
وأوضح خلال حلقة برنامج "بيان للناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن الرسالة الدينية في الفضاء الإلكتروني لا بد أن تصدر عن عقل علمي راسخ وشخصية مؤهلة تأهيلاً شرعيًا وفكريًا، وقادرة على التواصل مع الناس بلغة العصر، حتى تصل الرسالة بوضوح دون تشويش أو لبس، مشيرًا إلى أن الهدف الأسمى من هذا الجهد هو حماية المجتمع والشباب من الأفكار المتطرفة والمغلوطة التي تتسلل من هنا وهناك عبر المنصات المفتوحة.
وأشار الدكتور علام إلى أن بعض التيارات المتشددة والمتطرفة استغلت في فترات سابقة الخطاب الديني لتحقيق أغراض سياسية، مما أدى إلى ردود فعل سلبية عند الشباب وصلت في بعض الحالات إلى التشكيك أو الإلحاد، نتيجة غياب الرسالة الواضحة واحتكار الحديث باسم الدين من غير المؤهلين.
وأضاف أن أخطر ما وُلد عن هذا الاضطراب هو فكرة “غياب الشريعة”، التي أُدخلت إلى عقول بعض الشباب حتى صدّقوا أن المجتمع بعيد عن دينه، فنتج عن ذلك حالة من النقمة والرفض والبلبلة الفكرية، مشيرًا إلى أن هذا الوهم كان سببًا في اهتزاز الثقة بالدين نفسه عند بعضهم عندما فشلت النماذج التي رفعت شعارات دينية دون أن تمتلك الأسس العلمية أو الإدارية الصحيحة.
وبيّن أن الخطاب المطلوب اليوم هو خطاب حضاري متفاعل مع الواقع، منضبط بالمنهج النبوي الأصيل في التعامل مع المجتمع والإنسان، مع مراعاة المتغيرات المعاصرة التي طرأت على العالم وأساليب التواصل الحديثة.
وأكد على أن من يتصدر لتصحيح المفاهيم الدينية يجب أن يكون عالِمًا متمكنًا ومؤهلاً أيضًا في فنون الإلقاء والتواصل والإقناع، وأن يخاطب الشباب بلغة قريبة منهم، من خلال رسائل قصيرة ومركزة تشبه "الكبسولات الفكرية"، لكنها مدروسة بعناية من الداخل، حتى تحقق الهدف المنشود في بناء الوعي وصون الفكر من الانحراف.



