الإثنين، 14 ربيع الثاني 1447 ، 06 أكتوبر 2025

الانتحاء المائي.. كيف توجه الجذور نفسها وتتفادى هدر المياه بالري العميق

الري بالتنقيط
الري السطحي
أ أ
techno seeds
techno seeds
كشفت دراسات علمية حديثة أن جذور النباتات لا تمتص المياه من أعماق التربة بنفس الكفاءة، بل تتركز عملية الامتصاص في الطبقات السطحية.

وبيّنت النتائج أن نحو 40% من المياه تُمتص من أول 25 سنتيمترًا من التربة، في حين تنخفض النسبة تدريجيًا لتصل إلى 10% فقط في العمق الذي يتراوح بين 75 إلى 100 سنتيمتر.

ويُحذر الخبراء من الاعتماد على الري العميق المفرط، مؤكدين أنه يؤدي إلى هدر كميات كبيرة من المياه دون تحقيق استفادة فعلية للنباتات، التي لا تصل جذورها إلى الأعماق الكبيرة بشكل فعال.

ويؤكد المختصون أن الري السطحي المعتدل يُعد الخيار الأنسب، إذ يساهم في تحسين كفاءة استخدام المياه، ويعزز النمو الصحي للنبات.

وفي السياق ذاته، تشير الدراسات إلى عدد من الأضرار التي تنتج عن الري الزائد، منها:

اختناق الجذور نتيجة نقص الأكسجين، وزيادة احتمالية تعفنها بسبب انتشار الفطريات.

إضافة إلى اصفرار وتساقط الأوراق، وفقدان العناصر الغذائية التي تُغسل إلى طبقات عميقة لا تصلها الجذور.

كما يؤدي الإفراط في الري إلى ضعف الإنتاجية، وازدياد نمو الحشائش والأمراض.

وناشد الباحثون والمختصون في الزراعة بضرورة تبني أساليب ري مناسبة، خاصة في المناطق التي تعاني من شح المياه، من أجل الحفاظ على الموارد المائية الثمينة وضمان استدامة الإنتاج الزراعي.

ورغم أن النباتات غير قادرة على الحركة، إلا أن الجذور أظهرت قدرة فريدة على التكيف مع الظروف القاسية، خاصة في فترات الجفاف.

فقد أثبتت دراسات علمية أن الجذور تغير اتجاهها عند نقص المياه، متجهة نحو المناطق الرطبة بدلًا من النمو الطبيعي نحو الأسفل، في سلوك يُعرف علميًا بـ"الانتحاء المائي".

ويرتبط هذا السلوك ببروتين معين في النبات يُعيد توجيه الجذور نحو مصادر الرطوبة، حتى لو خالف ذلك تأثير الجاذبية.

ويُفعّل هذا البروتين آلية داخلية تُغير توزيع هرمون النمو "الأوكسين"، مما يضعف تأثير الجاذبية ويزيد من حساسية الجذور للرطوبة.

وقد أظهرت تجارب مختبرية أن بعض النباتات تمتلك هذه القدرة بفعالية، بينما تعجز نباتات أخرى – التي تفتقر إلى هذا البروتين – عن تعديل مسارها حتى في التربة الجافة.

كما لوحظ أن بعض الطفرات الوراثية تُسبب استجابة مفرطة للرطوبة، ما يشير إلى أهمية التوازن في هذه الآلية لضمان كفاءة التوجيه.

آفاق واعدة لتحسين الزراعة

ويرى العلماء أن فهم هذه الآلية يمثل خطوة واعدة في تطوير محاصيل زراعية أكثر قدرة على تحمّل الجفاف، عبر تعديل نشاط البروتين المسؤول وتوجيه الجذور بشكل أفضل نحو مصادر المياه.

لكنهم في الوقت ذاته يشيرون إلى الحاجة لمزيد من الأبحاث لفهم تفاصيل هذه العملية، خاصة فيما يتعلق بتأثير الهرمونات الأخرى وآلية عمل البروتين داخل خلايا النبات.

ومع تصاعد التحديات المناخية وتراجع الموارد المائية، فإن هذه الاكتشافات تفتح آفاقًا جديدة نحو زراعة ذكية ومستدامة تتكيّف مع تغيرات البيئة وتُقلل من خسائر المحاصيل في المواسم الجافة.

اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة