الجمعة، 11 ربيع الثاني 1447 ، 03 أكتوبر 2025

ا. د. فوزى أبو دنيا يكتب .. مسارات البصمة الكربونية من الحقل إلى المَدود

فوزي ابو دنيا
ا. د. فوزى أبو دنيا يكتب .. مسارات البصمة الكربونية من الحقل إلى المَدود
أ أ
techno seeds
techno seeds
في ظل التحديات المتزايدة المتعلقة بتغير المناخ، وندرة الموارد (خاصة المياه والأراضي)، وارتفاع تكاليف الأعلاف، أصبح من الضروري إعادة تصميم سلاسل إنتاج الأعلاف لتكون أكثر كفاءة، استدامة، وانخفاضًا في الانبعاثات الكربونية. في الواقع تعتبر مسارات البصمة الكربونية من الحقل إلى المَدود استراتيجية شاملة تهدف إلى تحسين كفاءة سلسلة إنتاج الأعلاف، بدءًا من زراعة المحاصيل العلفية (مثل الذرة، فول الصويا) في الحقل، وصولًا إلى تصنيع وتوزيع العلف النهائي للمزارعين (المَدود) الذي يُقدَّم للحيوانات الزراعية (الأبقار، الأغنام، الدواجن، إلخ).  استراتيجية "من الحقل إلى المَدود" تمثل إطارًا متكاملًا يربط بين الممارسات الزراعية، معالجة المحاصيل، تصنيع العلف، وتغذية الحيوان، مع وضع البصمة الكربونية كمؤشر محوري لتقييم الأداء البيئي. 
مراحل سلسلة "من الحقل إلى المَدود" 
مرحلة الإنتاج الزراعي (الحقل) 
تشمل زراعة المحاصيل العلفية مثل الذرة الشامية، البرسيم (Alfalfa)، فول الصويا (غالبًا مستورد) وبقايا المحاصيل (مثل عيدان الذرة الجافة، قش الأرز، باجاس القصب، تبن القمح، الخ). هناك بعض الممارسات المؤثرة على البصمة الكربونيةفى هذه المرحلة يمكن تلخيصها في حراثة وتسوية التربة استهلاك طاقة للجرارات، كما إنها عمليه عنها انطلاق ثاني أكسيد الكربون المخزن في التربة. استخدام الأسمدة النيتروجينية خاصة في حالة الإسراف يُنتج أكسيد النيتروز(N₂O)، وهو غاز دفيئة قوي. الري غير المرشد يحتاج استهلاك طاقة (خاصة في المناطق التي يعتمد الري على الطاقة). إزالة الغابات لتوسيع الأراضي الزراعية (خاصة في حال استيراد فول الصويا من أمريكا الجنوبية). وعلى الرغم من ذلك هناك فرص خفض البصمة مثل الزراعة الدقيقة، الزراعة بدون حراثة (No-till)، استخدام أسمدة بطيئة التحرر، الزراعة المختلطة. 
مرحلة الحصاد والتخزين 
في هذه المرحلة فان الحصاد المبكر أو المتأخر يؤثر على جودة العلف ومحتواه البروتيني. كما أن التخزين غير السليم يؤدي إلى تلف المحصول وانبعاثات غازات ميثان وCO₂  من التحلل. وتتمثل البصمة الكربونية لهذه المرحلة في انبعاثات من آلات الحصاد (ديزل). فقدان المحصول والذي يتمثل فى هدر للموارد المُستهلكة في إنتاجه (مما يرفع البصمة الفعلية لكل وحدة علف فعالة).
مرحلة المعالجة والتصنيع (مصنع العلف)
وتتضمن هذه المرحلة مجموعة من العمليات مثل الطحن، الخلط (للخامات والإضافات العلفية)، وكذا التحبيب (Pelleting) أو البثق (Extrusion). وتتمثل المصادر الرئيسية للانبعاثات في هذه المرحلة في استهلاك الطاقة (كهرباء، غاز، ديزل) في المصانع. النقل بين المزرعة والمصنع. استخدام مكونات مستوردة (مثل فول الصويا، الذرة، إضافات، الخ). ويعتبر تصنيع العلف يُعد من أكثر المراحل كثافة في استهلاك الطاقة بعد مرحلة الزراعة. 
مرحلة التوزيع والتغذية (المَدود النهائي) 
وهي مرحلة مهمة تشمل على نقل العلف إلى المزارع. طرق تقديم العلف (يدوي، آلي). كفاءة استخدام العلف من قبل الحيوان (معدل التحويل الغذائي - FCR). كما ان البصمة غير المباشرة والتي تتمثل في الحيوانات التي تتغذى على علف غير متوازن تُنتج ميثانًا أكثر (من خلال التجشؤ والفضلات). كما ان هدر العلف يمثل زيادة في البصمة الكربونية لكل وحدة إنتاج حيواني (لحم، حليب، بيض). والجدول التالي يمثل مصادر الانبعاث وتقدير البصمة الكربونية للمراحل المختلفة  
الإجمالي التقديري من 400 – 1000 كجم CO₂ مكافئ لكل طن علف، حسب نوع المحصول ومصدر المكونات. 
مقترحات لخفض البصمة الكربونية "من الحقل إلى المَدود" 
عن طريق إتباع بعض إجراءات التطبيقات العملية والتي من خلالها يمكن تحقيق خفض للبصمة الكربونية اثناء مراحل الإنتاج والتصنيع مثل:  
تحسين كفاءة الإنتاج الزراعي 
ويمكن تحقيق ذلك عن طريق استخدام أصناف علفية مقاومة للجفاف وعالية الغلة. الزراعة المتكاملة (دمج المحاصيل مع الثروة الحيوانية). تقليل الاعتماد على المحاصيل المستوردة عالية البصمة (مثل فول الصويا).
استخدام مكونات علف بديلة منخفضة الكربون 
ويمكن تحقيق ذلك عن طريق الاستفادة من المتبقيات الزراعية واعدة تدويرها لإنتاج الأعلاف غير التقليدية. كذلك النفايات الصناعية المعالَجة (مثل بقايا معاصر الزيت، نخالة الأرز). بالإضافة الى استخدام الطحالب أو الخمائر كمصادر بروتين.
تحسين كفاءة مصانع العلف 
ويمكن تحقيق ذلك باتباع عدة وسائل مثل استخدام الطاقة المتجددة (الطاقة الشمسية). أنظمة استعادة الحرارة. تحسين صيغ العلف لرفع معدل التحويل الغذائي (FCR) 
تقليل المسافات اللوجستية 
ويكون ذلك عن طريق إنشاء مصانع علف محلية بالقرب من مناطق الإنتاج الزراعي. الاستفادة من "العلف الأخضر" الطازج بصورة أكثر كفاءة لتقليل الحاجة للتصنيع.
متابعة وتدقيق البيانات والرقمنة 
ويتم ذلك عن طريق استخدام أنظمة إنترنت الأشياء لمراقبة جودة المحصول. نماذج ذكاء اصطناعي لتصميم علف مخصص يقلل الهدر ويزيد الكفاءة.
ا. د. فوزى أبو دنيا
المدير الأسبق لمعهد بحوث الإنتاج الحيواني

اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة