أ
أ
تعد صناعة تعليب أسماك التونة من الصناعات الغذائية البحرية الهامة نظرًا لقيمتها الغذائية العالية وسهولة تناولها وقدرتها على التخزين لفترات طويلة دون تلف.
وتعتمد هذه الصناعة على سلسلة مترابطة من العمليات الدقيقة التي تهدف إلى الحفاظ على جودة المنتج وسلامته، من خلال تطبيق أسس التصنيع الجيد واستخدام تقنيات حرارية متقدمة تمنع نمو الميكروبات الضارة وتحافظ على الطعم والقيمة الغذائية.
أنواع التونة المستخدمة في التعليب
تعتمد المصانع على عدة أنواع من أسماك التونة، ويعد النوع الأكثر استخدامًا هو التونة الوثابة (Skipjack) نظرًا لتوافره وسهولة صناعته، بينما تستخدم التونة صفراء الزعانف (Yellowfin) لإنتاج منتجات ذات جودة أعلى وطعم أغنى، ويعتمد البعض على تونة ألباكور (Albacore) التي تنتج التونة البيضاء المميزة بقوامها الناعم ولونها الفاتح. ويعتمد اختيار النوع على الفئة التسويقية والجودة المطلوبة وسعر المنتج النهائي.مرحلة الصيد والاستلام
تصل أسماك التونة في صورة طازجة أو مجمدة من سفن الصيد، وتخضع عند الاستلام لفحوصات دقيقة للتأكد من طزاجتها و جودتها وخلوها من أي علامات تلف أو روائح غير مرغوبة، مع قياس درجة حرارتها لضمان بقائها ضمن الحدود المقبولة، حيث يجب ألا تزيد درجة حرارة الأسماك المجمدة عن -18 درجة مئوية بعد ذلك تفرز الأسماك حسب النوع والحجم والجودة، لتحديد وقت الطهي المناسب وإنتاج منتج متجانس ذو جودة عالية.الغسل والتنظيف الأولي
تغسل أسماك التونة بالمياه النظيفة لإزالة الشوائب والدم ، مع إضافة نسبة بسيطة من المطهرات مثل الكلور في الحدود المسموح بها للحد من الحمل الميكروبي قبل بدء عمليات التصنيع. وتعد خطوة الغسيل خطوة أساسية لضمان سلامة المنتج ومنع انتقال الملوثات إلى المراحل الحرجة التالية.خطوات تصنيع التونة المعلبة
1- الطهي المسبق (Pre-Cooking)
توضع اسماك التونة في أوعية كبيرة أو على سير ناقل داخل غرف طهي تعتمد على البخار أو الماء الساخن، وتستغرق عملية الطهي ما بين ساعة الى ساعتين حسب حجم السمكة ودرجة تجميدها. يهدف الطهي إلى تثبيت القوام الداخلي للحم، تقليل الرطوبة الزائدة، إزالة الروائح غير المرغوبة، وتسهيل فصل الجلد والعظام، كما تعد خطوة مهمة للسلامة الميكروبية قبل التقطيع.2- التبريد (Cooling)
بعد الطهي، تبرد الأسماك سريعًا في غرف تبريد أو أحواض تحتوي على ماء مثلج، لإيقاف تأثير الحرارة على اللحم ومنع استمرار الطهي. يساعد التبريد على الحفاظ على القوام الطبيعي للحم وتسهيل التعامل معه، ويحد من نمو البكتيريا.3- إزالة الجلد والعظام والتقطيع
تزال الأجزاء غير المرغوبة مثل الجلد والزعانف والعظام والأحشاء. بعد ذلك يقطع اللحم إلى شرائح أو قطع صلبة أو مفتتة حسب نوع المنتج المطلوب، مع ضمان استخلاص أكبر كمية ممكنة من اللحم دون تلوث.4- الفرز والتصنيف
يتم فرز اللحم حسب اللون والقوام ودرجة الداكنة لتوحيد الجودة داخل كل عبوة، وتحديد فئة المنتج النهائي سواء كان لحمًا أبيض أو فاتحًا أو داكنًا، وهو عامل مهم في رضا المستهلك.5- التعبئة داخل العلب
توضع شرائح اللحم داخل العلب المعدنية المعقمة بشكل متجانس، ويضاف الزيت النباتي أو المحلول الملحي أو الصلصات المختلفة. يترك فراغ قمى أو علوي محسوب للسماح بالتمدد الحراري أثناء التعقيم.6- التفريغ وإغلاق العلب (Sealing)
تسخن العلب قليلاً لإخراج الهواء المحتبس، ثم تغلق بإحكام باستخدام ماكينة الإغلاق بتقنية الـغلق المزدوج، لضمان منع دخول الهواء أو الميكروبات.7. التعقيم الحراري (Sterilization / Retorting)
توضع العلب في أجهزة التعقيم الحرارية (Retorts) عند درجة حرارة 121درجةمئوية لفترة محسوبة حسب حجم العلبة، للقضاء على البكتيريا الممرضة مثل Clostridium botulinum وضمان سلامة المنتج لفترات طويلة دون مواد حافظة.8- التبريد والتجفيف والتخزين
بعد التعقيم، تبرد العلب تدريجيًا باستخدام مياه نظيفة، ثم تجفف وتخزن لعدة أسابيع في مرحلة تُعرف بـ"الإنضاج"، حيث تتحسن النكهة ويتوزع الزيت أو السائل داخل اللحم قبل طرح المنتج في الأسواق.9- الفحص النهائي والتوزيع
يخضع المنتج النهائي لسلسلة من الفحوصات التي تشمل سلامة العلبة وعدم الانتفاخ وقياس الفراغ الداخلي والتحقق من الجودة الميكروبية ومحتوى المعادن الثقيلة مثل الزئبق، بالإضافة إلى اختبار الطعم والقوام والتحقق من دقة بيانات الملصق. وبعد التأكد من مطابقة المنتج للمعايير، يصبح جاهزًا للتوزيع التجاري.المتطلبات الصحية في مصانع تعليب التونة
تلتزم المصانع بتطبيق ممارسات التصنيع الجيد (GMP) التي تشمل استخدام معدات من الستانلس ستيل، وتوفير تهوية جيدة، والحفاظ على النظافة الشخصية للعاملين. كما يُطبّق نظام HACCP الذي يحدد النقاط الحرجة مثل استلام الأسماك والطهي والتعقيم والغلق، لضمان السيطرة على المخاطر المحتملة وتحقيق أعلى مستويات السلامة الغذائية.مشاكل شائعة وطرق حلها
قد تظهر بعض المشكلات أثناء الإنتاج مثل انتفاخ العلب الناتج عن نمو بكتيريا لاهوائية بسبب ضعف التعقيم، أو تغير لون اللحم نتيجة الأكسدة بسبب وجود الهواء داخل العبوة، أو ظهور روائح غير مقبولة بسبب سوء تخزين الأسماك قبل التصنيع، أو تهتك اللحم نتيجة الطهي الزائد. ويتم التعامل مع تلك المشكلات من خلال ضبط العمليات الحرارية وتحسين شروط التخزين والاستخدام الدقيق لخطوات الفرز وإخراج الهواء.اعداد أ.د/ عاطف سعد عشيبة
وكيل معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية



