في إطار التشاور والتنسيق الدوري بين مصر وتركيا، عقد الدكتور بدرعبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، جلسة مباحثات رسمية مع السيد هاكان فيدان وزير خارجية جمهورية تركيا، وذلك خلال زيارته الرسمية إلى العاصمة التركية أنقرة يوم الأربعاء الموافق 12 نوفمبر 2025.

وأوضح السفير تميم خلاف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن اللقاء استُهل بتقديم الوزير عبد العاطي خالص تعازي مصر حكومةً وشعبًا للجمهورية التركية في ضحايا حادث سقوط الطائرة العسكرية، مؤكداً تضامن مصر الكامل مع تركيا ووقوفها إلى جانبها في هذا المصاب الأليم.

تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون الاستراتيجي

أكد الوزيران خلال اللقاء حرص قيادتي البلدين على مواصلة تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات، والبناء على ما تحقق من زخم إيجابي خلال العامين الماضيين.

وأشار الوزير عبد العاطي إلى أن الزيارتين المتبادلتين اللتين قام بهما كل من فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى القاهرة في فبراير 2024، و الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أنقرة في سبتمبر من العام ذاته، قد أسستا لمرحلة جديدة من التعاون عقب إعادة تفعيل مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.

كما شدد الجانبان على رمزية العام الجاري الذي يشهد مرور مائة عام على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا، بما يعكس عمق الروابط التاريخية والثقافية التي تجمع الشعبين الصديقين.

التعاون الاقتصادي والاستثماري

وأضاف المتحدث الرسمي أن الوزير عبد العاطي ثمّن انعقاد الاجتماع الأول لمجموعة التخطيط المشتركة بين البلدين، الذي تستضيفه أنقرة برئاسة وزيري الخارجية خلال الزيارة الحالية، وذلك في إطار التحضير لزيارة الرئيس التركي إلى القاهرة عام 2026، وعقد منتدى رجال الأعمال المصري–التركي على هامش الزيارة المرتقبة.

وتناول اللقاء سبل دعم التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، حيث أكد الوزير عبد العاطي تطلع مصر إلى رفع حجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، وتعزيز الاستثمارات التركية المباشرة في قطاعات الصناعة والطاقة والنقل والسياحة والتكنولوجيا.
كما ناقش الجانبان التعاون في مجالات التحول الأخضر، خفض الانبعاثات الكربونية، والطاقة الجديدة والمتجددة، فضلاً عن فرص التعاون في استكشاف المعادن النادرة.

القضية الفلسطينية وتطورات الأوضاع في غ..زة

وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، أوضح المتحدث الرسمي أن الوزيرين تناولا تطورات الأوضاع في قطاع غ..زة، حيث أكدا أهمية تثبيت اتفاق شرم الشيخ للسلام، وضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي.

كما بحث الجانبان التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر القاهرة الدولي لإعادة الإعمار والتعافي المبكر في غ..زة، حيث أعرب الوزير عبد العاطي عن تطلع مصر إلى مشاركة تركية فعالة تسهم في حشد الجهود الدولية لدعم إعادة إعمار القطاع.

وأكد الوزيران تمسكهما بضرورة التوصل إلى حل الدولتين على أساس حدود الرابع من يونيو 1967، وأن تكون الق..دس الشرقية عاصمة الدولة الفلس..طينية، مع رفض أي محاولات لتغيير الوضع القانوني أو فرض وقائع جديدة على الأرض.

الملف السوداني والليبي والسوري

كما تناولت المباحثات تطورات الأوضاع في السودان، حيث شدد الوزير عبد العاطي على موقف مصر الثابت الداعم لوحدة واستقرار السودان ومؤسساته الوطنية، مع إدانة الفظائع المروعة التي شهدتها مدينة الفاش..ر. وأكد أهمية التوصل إلى وقف شامل لإطلاق الن..ار وفتح الممرات الإنسانية لضمان تدفق المساعدات، داعيًا إلى حل سياسي شامل بمشاركة جميع الأطراف.

وفيما يخص الأزمة الليبية، جدّد الوزير عبد العاطي تأكيد دعم مصر لـ خارطة الطريق الأممية، والدعوة إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المتزامنة في أقرب وقت ممكن، وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية، حفاظًا على سيادة ووحدة ليبيا.

أما بشأن سوريا، فقد شدد الوزير عبد العاطي على احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، ورفض أي تدخلات من شأنها تقويض استقرار البلاد، داعيًا إلى تفعيل عملية سياسية شاملة تحقق تطلعات الشعب السوري في الأمن والاستقرار.

التعاون في القارة الأفريقية والقرن الأفريقي

وفي سياق متصل، أكد الوزيران أهمية تعزيز التعاون المصري–التركي في القارة الأفريقية، بما يسهم في دعم التنمية والاستقرار، واتفقا على تفعيل الشراكة الثلاثية المصرية–التركية–الأفريقية من خلال مشروعات تنموية واستثمارية مشتركة في مجالات البنية التحتية والطاقة والزراعة.

كما شدد الوزير عبد العاطي على أهمية دعم الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، واحترام سيادة ووحدة الأراضي الصومالية، ورفض أي محاولات للتدخل في شؤونها الداخلية.

رمزية المئوية وتبادل الهدايا الدبلوماسية

وفي ختام اللقاء، قام الوزير بدر عبد العاطي بإهداء الجانب التركي مُستنسخًا بالحجم المتحفي من تمثال الملك أمنحتب الثالث، وذلك بمناسبة مرور مائة عام على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، تعبيرًا عن عمق الروابط التاريخية والحضارية التي تجمع مصر وتركيا.
ومن المقرر أن يُعرض التمثال في أحد الميادين أو الأماكن الهامة بالعاصمة التركية أنقرة تخليدًا لهذه المناسبة التاريخية.