أكدت شيماء سيد، الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن مواجهة تصدر الكراهية عبر المنابر الإلكترونية ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي واجب جماعي تشترك فيه الأسرة والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام وصُنّاع السياسات.
وأوضحت خلال حلقة برنامج "فكر"، المذاع على قناة الناس، اليوم الجمعة، أن على الأفراد أن يتعلموا استخدام الفضاء الرقمي بوعيٍ إعلامي، وأن يتحرّوا الدقة قبل إعادة نشر أي محتوى، امتثالًا لقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا».
وأضافت أن المؤسسات التعليمية مطالَبة بتعليم الطلاب مهارات التفكير النقدي وكشف الدعايات المغرضة، ودمج التربية الإعلامية في المناهج الدراسية.
كما شددت الباحثة على أن وسائل الإعلام التقليدية لها دور كبير في تقديم منابر بديلة لنشر خطاب رشيد، ومواجهة التضليل عبر المعلومات الموثوقة والحوار العقلاني. أما المؤسسات القانونية ذات الطابع الدولي، فعليها وضع أطر قانونية تحاصر المحرضين على العنف الرقمي دون المساس بحرية التعبير المسؤولة.
وأكدت شيماء سيد أن المعركة الحقيقية ليست في إغلاق الحسابات أو حجب المحتوى المتطرف، بل في الوعي والتربية على التسامح والاحترام المتبادل، وتعزيز ثقافة الاختلاف باعتبارها خط الدفاع الأول. واستشهدت بقول النبي ﷺ: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا».
وأضافت أن تحقيق فضاء رقمي آمن يتطلب تعاونًا بين شركات التكنولوجيا والحكومات ومنظمات المجتمع المدني لتطوير خوارزميات تكشف المحتوى المتطرف قبل انتشاره، ووضع سياسات تحمي الفئات الضعيفة مثل الأطفال والمراهقين من التعرض المستمر لخطابات العنف، إلى جانب تشجيع المبادرات الإيجابية التي تنشر قيم الحوار والتسامح.
وقالت الباحثة، إن الإسلام علّمنا أن الكلمة أمانة، وقد تكون سببًا في الهداية أو الضلال، مستشهدة بقوله تعالى: «ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد».
وأكدت أن معركتنا مع خطاب الكراهية ليست قانونية أو تقنية فحسب، بل هي معركة قيم ووعي وتربية، وإذا نجحنا في تحويل المنابر الإلكترونية إلى ساحات للحوار الراقي وصناعة المستقبل، فسنكون قد حوّلنا الخطر إلى فرصة والسلاح إلى أداة بناء لفضاء رقمي آمن يليق بإنسانيتنا وحضارتنا.