السبت، 12 ربيع الثاني 1447 ، 04 أكتوبر 2025

الجمال تشرب الماء المالح وتعيش.. كيف تتحدى قوانين الطبيعة في الصحراء

الابل , ابل  جمال  جمل
الجمال
أ أ
techno seeds
techno seeds
تُعد الجمال من الكائنات الفريدة، فقد تمكنت من التأقلم مع واحدة من أقسى البيئات على وجه الأرض: الصحراء، لكن ما يزيد من دهشة العلماء والمهتمين بالحياة البرية هو قدرتها العجيبة على شرب المياه المالحة، وهو أمر قلما نجده في الثدييات الأخرى.

في عالم تندر فيه المصادر العذبة، تجد الجمال وسيلة للاستفادة من الماء حتى لو كان مشبّعاً بالأملاح، لتصبح مثالاً حياً على التحدي والبقاء وسط الظروف المستحيلة.


كيف تشرب الجمال الماء المالح دون ضرر؟

غالباً ما يُطرح السؤال: كيف يمكن للجمال شرب الماء المالح دون أن تتأثر صحتها؟ السر يكمن في بعض الخصائص الفسيولوجية المذهلة لجسم الجمل.

كما يمتلك الجمل كلى قوية للغاية تعمل بكفاءة ملحوظة على تصفية الأملاح وإعادة امتصاص الماء، فتطرح معظم الأملاح مع البول شديدة التركيز بينما تحتفظ بأكبر قدر ممكن من السوائل، بالإضافة إلى ذلك، تكيفت خلايا الجمل بحيث تتحمل التغييرات في تركيز الأملاح دون أن تتلف، على عكس الإنسان وأنواع كثيرة من الحيوانات الأخرى التي تتضرر بسرعة عند شرب الماء المالح.


استراتيجيات البقاء: مهارات مدهشة للجمال في الصحراء

الجمال ليست فقط قادرة على استهلاك الماء المالح، بل طورت عدة استراتيجيات بقاء لمواجهة الجفاف وندرة المياه في الصحراء. من هذه الاستراتيجيات:

تحمل خسارة كبيرة من الماء في أجسامها قبل أن تشعر بالعطش الشديد، إذ يمكنها أن تفقد حتى 25% من وزنها في الماء دون أن تتأثر وظائفها الحيوية.


تخزين الدهون في السنام واستخدامها كمصدر للطاقة والمياه إذا اشتدت الحاجة.

تقليل العرق لأقصى درجة ممكنة حتى أثناء ارتفاع درجات الحرارة، مما يساعد في الاحتفاظ برطوبة الجسم، هذه المهارات تجعلها تتفوق على غيرها من الكائنات الصحراوية وتمنحها مكانة فريدة في بيئتها القاسية.

منذ آلاف السنين، لم تكن الجمال مجرد كائنات تعيش في الصحراء، بل شركاء حقيقيون للإنسان، خاصة في البيئات العربية، وفرت وسيلة نقل موثوقة في الرحلات الطويلة عبر الكثبان، وكانت مصدرًا هامًا للحليب والغذاء حتى في مواسم القحط، كما استخدم وبرها وجلدها في صناعة الملابس والأدوات.

وهناك اعتقاد واسع النطاق بين البدو أن لبن الجمل يحمل فوائد صحية إضافية، لأنه ينتج من حيوان يشرب ماءً مالحًا ويأكل نباتات قاسية. وتعد الجمال اليوم رمزًا للثبات والصبر في وجه تحديات الطبيعة الصحراوية.


حقائق علمية مذهلة عن الجمال وقدرتها في التكيف

الدراسات الحديثة كشفت المزيد من الأسرار حول قدرة الجمال الاستثنائية، الأبحاث الجينية أظهرت وجود جينات فريدة مسؤولة عن توازن السوائل والأملاح بالجسم، كما لوحظ أن خلايا دم الجمال بيضاوية الشكل، ما يساعدها على التدفق السلس حتى في الدم المركز واللزوجة العالية بسبب الجفاف.

ولا تقتصر تكيّفات الجمال على المياه فقط، بل تحتمل تقلبات الحرارة الحادة بين الليل والنهار، إذ يمكن لدرجة حرارة جسمها أن تتغير بمرونة تصل إلى ست درجات مئوية دون التأثير على نشاطها اليومي.

في ظل التغيّرات المناخية التي يشهدها العالم، تصبح الجمال رمزًا للصمود وقدوة للكائنات الحية في مواجهة نقص المياه وملوحتها المتزايدة في بعض المناطق.

ربما تحمل التجربة الفريدة للجمال رسائل هامة للإنسان حول أهمية التكيف مع الظروف البيئية وتوفير حلول مستدامة للاستفادة من الموارد المحدودة.

وبينما تواصل الأبحاث اكتشاف المزيد عن قدرات الجمل العجيبة، يظل هذا الحيوان رمزًا للحكمة والتحدي في قلب الصحراء، يذكّرنا دائمًا بقوة الطبيعة وسرها الخفي في تنوع الحياة.
اشترك في قناة اجري نيوز على واتساب اشترك في قناة اجري نيوز على جوجل نيوز
icon

الأكثر قراءة