يُعتبر الحليب ومنتجاته جزءًا أساسيًا من النظام الغذائي البشري، نظراً لفوائده الصحية المتعددة، فهو غني بالعديد من العناصر الغذائية الأساسية مثل الفيتامينات (ب12، د، أ)، والمعادن (البوتاسيوم، الكالسيوم، الفوسفور، السيلينيوم، المغنيسيوم، الزنك)، بالإضافة إلى الدهون الصحية ومضادات الأكسدة التي تدعم صحة العظام، القلب، وقد تساهم في الوقاية من السكري وبعض أنواع السرطان وتخفيف الاكتئاب.
ومع ذلك، تثير قضية متبقيات المضادات الحيوية في الألبان ومنتجاتها قلقاً متزايداً، نظراً لتأثيراتها الضارة على صحة الإنسان وجودة المنتجات الغذائية.
ما هي متبقيات المضادات الحيوية؟
المضادات الحيوية هي مواد كيميائية تُستخدم لمقاومة العدوى البكتيرية في الحيوانات والبشر، تظهر متبقياتها في الحليب عندما تُعطى هذه الأدوية لحيوانات الألبان بجرعات متتالية أو دون الالتزام بفترة السحب المحددة بعد العلاج. هذه المتبقيات تتراكم في المنتجات الحيوانية مثل الحليب نتيجة التفاعلات الأيضية داخل الجسم.

الأضرار الصحية والاقتصادية لمتبقيات المضادات الحيوية في الحليب:
1- مقاومة المضادات الحيوية: تناول الحليب الملوث بالمضادات الحيوية بشكل مستمر يؤدي إلى ظهور سلالات بكتيرية مقاومة لهذه الأدوية، مما يجعلها غير فعالة عند حاجة الإنسان إليها للعلاج.2- فرط الحساسية: قد تسبب هذه البقايا تفاعلات تحسسية، مثل الطفح الجلدي، خاصة لدى الأشخاص الذين لديهم حساسية تجاه هذه المضادات.
3- تلف الأعضاء: يمكن أن تتسبب في تلف أنسجة الكلى والكبد، وهما العضوان المسؤولان عن التخلص من هذه البقايا في الجسم.
4- تشوهات خلقية: تشير بعض الدراسات إلى احتمالية ظهور تشوهات خلقية لدى الأجنة نتيجة تناول الأمهات الحوامل لمنتجات تحتوي على متبقيات المضادات الحيوية.
5- أضرار تصنيعية واقتصادية: تؤثر بقايا المضادات الحيوية سلباً على جودة منتجات الألبان المصنعة، حيث تسبب في فشل إنتاج الجبن والزبد عن طريق تأثيرها على بكتيريا حمض اللاكتيك الضرورية لعمليات التصنيع، مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية في صناعة الألبان.

التحكم في متبقيات المضادات الحيوية:
تختلف معدلات بقايا المضادات الحيوية بناءً على الجرعة، وزن وعمر الحيوان، والحالة الوبائية. تشير الأبحاث إلى أن فترة سحب تتراوح بين 5 أيام أو أكثر ضرورية لبعض المضادات للتأكد من خلو الجسم منها، حيث تختلف فترة السحب من مضاد لآخر.عملية البسترة وحدها غير كافية لتثبيط نشاط المضادات الحيوية المتبقية في الحليب. لذلك، يُنصح بعدم تناول حليب الحيوانات المعالجة بالمضادات الحيوية خلال 72-96 ساعة بعد آخر جرعة علاج.
وقد حددت المنظمات العالمية مثل منظمة الصحة العالمية، منظمة الغذاء والدواء، والاتحاد الأوروبي، الحد الأقصى لوجود بقايا المضادات الحيوية في الحليب ومنتجاته بأقل من 0.2 جزء من المليون.

أهمية تطبيق القوانين والرقابة:
أصبح انتشار مقاومة المضادات الحيوية تهديداً صحياً عالمياً، لذا، فإن وجود بقايا المضادات الحيوية في الحليب يشكل خطراً كيميائياً يستدعي تطبيق القوانين والقرارات المتعلقة بتداول واستخدام المضادات الحيوية في العلاجات البيطرية.يجب الالتزام الصارم بالجرعات المقررة من الشركات المصنعة للدواء، وكذلك الالتزام بفترة السحب لكل مضاد حيوي حسب مجموعته الكيميائية، للسيطرة على بقايا المخلفات الكيميائية في الحليب ومنتجاته وضمان سلامة الغذاء.