تُعد تربية الدواجن من أهم فروع الإنتاج الحيواني في العالم، حيث تُربى الطيور مثل الدجاج والبط والإوز والديوك الرومي بغرض إنتاج اللحوم أو البيض. ويُعد الدجاج أكثر هذه الأنواع شيوعًا، حيث يُربى بأعداد ضخمة تصل إلى أكثر من 60 مليار طائر يُذبح سنويًا للاستهلاك. وينقسم الدجاج إلى نوعين أساسيين وفقًا لغرض التربية: دجاج البياض الذي يُربى من أجل إنتاج البيض، ودجاج التسمين (المُحمّص) الذي يُربى للحصول على اللحوم.
مع تطور تقنيات الإنتاج، أصبحت التربية العلمية للصفات الوراثية أحد أهم الأساليب لتحسين جودة الإنتاج، من خلال تهجين سلالات منتقاة لإنتاج طيور عالية الأداء، سواء من حيث سرعة النمو أو غزارة البيض. وتُنتج الشركات الكبرى سلالات هجينة باستخدام أصول وراثية دقيقة تشمل الأجداد والأمهات، لتوفير طيور جاهزة للاستخدام التجاري.
يشهد قطاع الدواجن فرصًا استثمارية كبيرة، لا سيما أن نحو 95% من لحوم الدواجن تُستهلك في شكلها الطازج، دون تصنيع أو معالجة. هذا الواقع يُتيح فرصًا واعدة في مجال التصنيع الغذائي الذي يمكن أن يُضاعف القيمة السوقية للمنتجات ويُحقق عائدًا اقتصاديًا أكبر للمربين.
تربية الدواجن الناجحة تعتمد على أربعة عناصر رئيسية تشمل التغذية السليمة، الرعاية الصحية المستمرة، الإدارة الجيدة، وتوفير بيئة سكنية مناسبة للطير. من أبرز التحديات التي يواجهها مربو الدواجن هو سرعة انتشار الأمراض، مثل إنفلونزا الطيور وجدري الطيور، والتي يمكن أن تُلحق خسائر فادحة في وقت قصير، مما يجعل الوقاية البيطرية والتشخيص المبكر أولوية قصوى.
هناك طريقتان أساسيتان لتربية الدواجن: التربية المكثفة والتربية الحرة. في التربية المكثفة، تُربى الطيور بأعداد كبيرة في مساحات محدودة مع توفير كفاءة في استخدام العلف والموارد، ما يزيد من الإنتاج ويقلل التكاليف، ولكن هذا النوع يتطلب مراقبة صحية صارمة نظرًا لزيادة مخاطر العدوى. أما التربية الحرة، فهي تعتمد على منح الطيور مساحة أوسع للتحرك بحرية في بيئة مفتوحة، مما يُحسن جودة البيض واللحم لكنه يتأثر بالظروف المناخية ويتطلب إدارة بيئية دقيقة.
فيما يخص تربية الدجاج البياض، يتم التحكم في العوامل البيئية مثل الإضاءة ودرجة الحرارة لتحفيز عملية وضع البيض، والتي تبدأ عادة من عمر 12 إلى 20 أسبوعًا، وتستمر حتى يبلغ الطائر عمر 70 إلى 72 أسبوعًا، حيث يبدأ إنتاجه في الانخفاض. ويُعد هذا النوع من الدواجن مصدرًا اقتصاديًا مهمًا، نظرًا لطول فترة إنتاج البيض.
أما دجاج التسمين، فيُربى خصيصًا لإنتاج اللحم، ويُعرف بسرعة نموه وكفاءته في تحويل العلف إلى لحم خلال فترة وجيزة تتراوح بين 5 إلى 7 أسابيع فقط. يتم تربيته غالبًا في حظائر واسعة تسمح له بالحركة والتفاعل، مما ينعكس إيجابًا على جودة اللحوم ويزيد من رضا المستهلكين.
في المجمل، تُمثل تربية الدواجن نشاطًا اقتصاديًا حيويًا، يمكن أن يُحقق نجاحًا كبيرًا إذا ما تم تنفيذه وفق أسس علمية واضحة، تجمع بين الإدارة الفعالة، والتغذية المتوازنة، والوقاية الصحية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، بما يضمن توفير غذاء آمن وموثوق، وتحقيق عوائد اقتصادية مستدامة.