في تحذير قد يغير نظرة الكثيرين لأكثر الأدوية شيوعًا، كشفت دراسة بريطانية أن الاستخدام العشوائي لمسكن الباراسيتامول، المتوفر في كل منزل تقريبًا لتسكين الصداع وتخفيف الحمى، قد يؤدي إلى تلف كبدي صامت ومميت.

"السم الصامت".. كيف يتحول الباراسيتامول لتهديد؟

أوضح ديبار كامدار، زميل جامعة كينجستون وكبير الصيادلة، في مقال بمجلة "The Conversation"، أن تجاوز الجرعة اليومية الموصى بها من الباراسيتامول، حتى لو بفارق بسيط، يمكن أن يسبب تلفًا دائمًا في الكبد, ويزداد الخطر بشكل خاص إذا تزامن ذلك مع استهلاك الكحول أو الاستخدام المتكرر للدواء دون إشراف طبي.

تكمن خطورة الباراسيتامول في كيفية تعامل الكبد معه. فعند تكسيره، ينتج الكبد مركبًا سامًا يُعرف باسم NAPQI, في الجرعات الطبيعية، يقوم الجسم بتحييد هذا المركب عبر مضاد أكسدة طبيعي يسمى الجلوتاثيون, ولكن عند الجرعات الزائدة، أو مع الاستخدام الطويل، يستنفد مخزون الجلوتاثيون، مما يسمح بتراكم مركب NAPQI في الكبد، ليبدأ في تدمير خلاياه تدريجيًا, هذا التدمير قد يؤدي إلى فشل كبدي حاد، وهي حالة قاتلة ما لم يتم التدخل الطبي الطارئ بسرعة، مثل زراعة الكبد أو إعطاء مضادات التسمم.

أمراض الكبد في تصاعد مقلق ببريطانيا

الوضع يتفاقم عالميًا، ففي بريطانيا، تشير الإحصاءات الحديثة إلى ارتفاع الوفيات الناتجة عن أمراض الكبد أربعة أضعاف خلال العشرين عامًا الماضية، مع تشخيص حالات جديدة بنسبة تتجاوز 40%, ويُقدر أن حوالي 10 آلاف شخص يموتون سنويًا بسبب أمراض الكبد، نصفهم تتراوح أعمارهم بين 45 و64 عامًا.

تقرير صادر عن مؤسسة الكبد البريطانية أفاد بأن 90% من هذه الحالات يمكن الوقاية منها من خلال تغييرات بسيطة في نمط الحياة.

الكبد الدهني: العدو الخفي

تُعد غالبية حالات تلف الكبد المزمن ناتجة عن ما يُعرف بـمرض الكبد الدهني المرتبط بالخلل الأيضي (MAFLD)، وهو الاسم الجديد لما كان يُعرف سابقًا بالكبد الدهني غير الكحولي, يحدث هذا المرض عندما تتراكم الدهون الزائدة داخل الكبد، مما يؤدي إلى التهاب وتليف بمرور الوقت, ولأن الأعراض المبكرة غالبًا ما تكون غائبة، يُشخص المرض عادةً في مراحل متأخرة، عندما يكون الكبد قد فقد بالفعل جزءًا كبيرًا من قدرته الوظيفية.

تشمل الأعراض المتقدمة للمرض:

تعب مزمن
اصفرار الجلد والعينين (اليرقان)
تورم في البطن أو الأطراف
آلام في الجانب الأيمن العلوي من البطن

كيف نحمي الكبد؟ "صيدلية" الوقاية في أسلوب حياتك
وفقًا لكامدار، فإن الحماية الحقيقية للكبد لا تكمن في الأدوية، بل في نمط الحياة اليومي والعادات الغذائية, ويوصي بالآتي:

تجنب الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، مثل اللحوم الحمراء والمقلية والوجبات السريعة.
اتباع نظام غذائي غني بالخضروات، الفواكه، والحبوب الكاملة.
الإقلاع عن التدخين والحد من استهلاك الكحول.
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
شرب كميات كافية من المياه.
استخدام الأدوية، بما فيها الباراسيتامول، بمسؤولية وتحت إشراف طبي.
الوعي بهذه المخاطر واتخاذ خطوات استباقية لحماية الكبد أمر بالغ الأهمية للحفاظ على صحتك.