أكد أحد خبراء الموارد المائية أن الفيضانات التي ضربت السودان مؤخرًا كانت نتيجة مباشرة لاتباع سياسة التشغيل الأحادي لسد النهضة من الجانب الإثيوبي، دون أي تنسيق مسبق مع دولتي المصب، مما أدى إلى تدفقات مائية غير منضبطة فاقت القدرة الاستيعابية لمنشآت المياه في السودان.
وأوضح أن السد قد اكتمل إنشاؤه من الناحية الخرسانية خلال شهري أغسطس وسبتمبر من عام 2024، كما امتلأت بحيرته بالكامل، إلا أن تشغيل التوربينات لم يكن على المستوى المطلوب، إذ لم يعمل سوى 4 توربينات من أصل 13، ما أدى إلى احتجاز كميات ضخمة من المياه داخل البحيرة.
وأشار إلى أن هذا التخزين المفرط وعدم تصريف المياه بانتظام تسبب في امتلاء البحيرة إلى أقصى سعتها، مما دفع إثيوبيا إلى فتح أربع بوابات من بوابات التصريف بشكل مفاجئ، وأدى ذلك إلى إطلاق تدفقات مائية ضخمة بلغت نحو 750 مليون متر مكعب يوميًا، وفقًا للبيانات المسجلة عند سد الروصيرص في السودان.
وأضاف أن هذه الكمية الهائلة من المياه تجاوزت السعة التخزينية لسد الروصيرص البالغة 7 مليارات متر مكعب فقط، مما تسبب في فيضانات عارمة هددت سلامة السد، خاصة أنه سَد طيني وليس خرسانياً، مما يجعله أكثر عرضة للخطر.
وتابع أن الجانب الإثيوبي خفّض لاحقًا تصريف المياه إلى نحو 400 مليون متر مكعب يوميًا لتقليل الضغط، وهو ما ساعد تدريجيًا في تراجع مستويات الفيضان، لكن الأزمة كشفت بوضوح مخاطر استمرار التشغيل الأحادي دون تنسيق إقليمي.
وشدد الخبير على أن ما حدث يُعد إنذارًا جديدًا بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن إدارة وتشغيل سد النهضة، مؤكدًا أن التنسيق الفني المشترك هو الضامن الوحيد لتجنب تكرار مثل هذه الكوارث مستقبلاً، وضمان سلامة المنشآت المائية والأمن المائي الإقليمي.