الجمعة، 24 شوال 1445 ، 03 مايو 2024

المحررين

من نحن

اتصل بنا

مشروع حقن التربة الرملية وعلاقته بطمي بحيرة ناصر

علي عبد العزيز
الدكتور علي عبد العزيز
أ أ
قام الفريق البحثي لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين برئاسة الدكتور علي عبد العزيز, المساعد بشعبة مصادر المياه والأراضي الصحراوية بمركز بحوث الصحراء التابع لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي منذ انطلاقه في ٢٠١٧ بدراسة وحصر وتصنيف مصادر الطين المختلفة في مصر وتحليلها لتحديد افضلها علي الاطلاق وترتيب أولويات استخدامها لاستصلاح الأراضي الصحراوية وذلك لضمان استدامة المشروع.


تقسيم مصادر الطين في المشروع الى نوعين :


1- مصادر طين رطبة : وهى تشمل تكريك طمى بحيرة ناصر والاستفادة منه وكذلك نواتج تكريك وتطهير القنوات والترع والمصارف
2- مصادر طين جافة : وهى منتشرة في الصحارى المصرية بكميات كبيرة جدا.
معوقات استخدام أهم مصادر الطين الرطبة المتمثلة في تكريك طمى بحيرة ناصر واستخدامه في مشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين .


بحيرة ناصر يبلغ طولها ٥٠٠ كيلو متر طولي:


بحيرة ناصر يبلغ طولها ٥٠٠ كيلو متر طولي ويقع الجزء الأكبر منها داخل الحدود المصرية بحوالي 350 كم وحوالى 150 كم طولي داخل الحدود السودانية كما يلاحظ ان الرواسب الطميية المستهدفة في بحيرة ناصر تبلغ حوالي ٧ مليار متر مكعب ٩٠ % من هذه الكمية تقع داخل الحدود السودانية كما ان اغلب الرواسب الطميية تقع أقصى جنوب الأراضي المصرية في اخر 150 كم بين مصر والسودان والأعلى منها فى اخر 50 كم جميع كميات الرواسب الطميية داخل الأراضي المصرية تقع أسفل منسوب تشغيل السد العالي الأدنى (منسوب 147 م).

كما اوضحت دراسات الهيئة الهندسية ان كميات الرواسب الطميية الموجودة داخل الأراضي المصرية والتي منسوبها أعلى من منسوب السد العالي الأدنى لا تتخطى 60 مليون متر مكعب كما ان عمق بحيرة السد 180 م3 وبالتالي ارتفاع التكلفة الاقتصادية لأجراء عمليات التكريك لأستخراج الرواسب الطميية من بحيرة ناصر حيث ان عمق التكريك فيها اضعاف عمليات الكتريك في قناه السويس الجديدة والتي يبلغ عمقها 24م علما بأن الدراسة الاقتصادية التي قمنا بها في المشروع أثبتت ان عمليات استصلاح الأراضي الصحراوية باستخدام هذه الرواسب لا يتجاوز ٤٠٠ الف فدان فقط.


الاستفادة من  الرواسب الطميية في مناطق الاستصلاح الحديثة:


كما ان تكاليف النقل قد تصل الي خمسة اضعاف تكاليف الاستخراج وبالتالي تتوقف جدواها الاقتصادية عند منطقة توشكي فقط ولا يمكن الاستفادة من هذه الرواسب الطميية في مناطق الاستصلاح الحديثة مثل محافظة الوادي الجديد وهى تمثل حوالى 44% من مساحة مصر أو الأراضي المستصلحة في شبه جزيرة سيناء وهى تمثل 6% من مساحة مصر و حتى احد المشروعات التنموية مثل مشروع المليون ونصف فدان او مشروع الدلتا الجديدة كما ان الفريق البحثي للمشروع قام بأخذ حوالى 15عينة من الرواسب الطميية لبحيرة ناصر في اخر 150 كم في من الحدود المصرية السودانية (بمعدل عينة /10كم ) وتم تحليلها وتحديد نوع معادن الطين السائدة فيها ونسبة كل معدن .

الا ان الفريق البحثي توصل الى ان معدن الطين السائد في هذه العينات هو معدن الكالونيت وهو معدن طين 1:1 ضعيف جدا في الاحتفاظ بمياه الري والأسمدة المعدنية عند أضافته الى الأراضي الرملية المستصلحة بهذه الطريقة ويحتاج الى أحقاب جيولوجية ليتحول الى معدن طين المنتومنوريت 1:2 وهو معدن قوى في مسك مياه الري والأسمدة الكيميائية كما حدث في تكوين ارضى الدلتا المصرية الخصبة جيدة الاحتفاظ بالأسمدة بمياه الري والعناصر الغذائية اللازمة للنبات مما ينعكس على ارتفاع انتاجيتها.


كما أن وجود التماسيح في بحيرة ناصر يمثل خطرا كبيرا على القائمين بعملية التكريك للرواسب الطميية لبحيرة ناصر حيث بلغت اعدادها حسب الدراسات التي أجريت مؤخرا من 6000 – 30 الف تمساح ويقال انها من احد اهم أسباب أنخفاض انتاجية بحيرة ناصر من الثروة السمكية وقد تم تقديم العديد من المشروعات الجيدة لتنمية بحيرة ناصر ومنها الصيد المحدود للتماسيح البالغة فى البحيرة دون الأخلال بالتوازن البيئي وتصدير جلودها ولحومها الى الخارج ويعد هذا المشروع ذو جدوى اقتصادية مرتفعة مقارنة بتكريك الرواسب الطميية لبحيرة ناصر .

كما يجب الاتجاه نحو الاهتمام بتنمية الثروة السمكية في البحيرة حيث ان بها حوالى اكثر من 50 نوع من الأسماك والتي انخفضت إنتاجيتها من الأسماك تدريجيا لتصل حاليا الي 25 الف طن سنويا فقط بعدما كانت تبلغ انتاجيتها عند انشاؤها حوالى 50 الف طن/سنويا كما يجب الاهتمام بأقامة المشروعات الأخرى مثل أنشاء السدود الركامية عند مداخل الأخوار والتي قد تقلل مسطح البحيرة بأقل تكاليف ممكنة ومن ثم تقليل فواقد البخر وغيرها والذى يمكن معه زيادة الضاغط الهيدروليكي على توربينات السد العالي بنفس حجم المياه المخزنة وبالتالي زيادة معدلات توليد الطاقة الكهرومائية من محطة توليد السد العالي.



كما سيوفر هذا الحل مساحة من الأراضي تقدر بحوالي 300 الف فدان خلف السدود الركامية يسهل ريها بالراحة حال امتلاء بحيرة السد بالمياه ولكن استصلاح هذه الأراضي سيكون له تأثيرا سلبيا على مياه بحيرة ناصر نتيجة لصرف هذه الأراضي الزراعية على مياه البحيرة كما ان وجود مجتمعات سكانية حول البحيرة يلوث مياها فيجب مراعاة ذلك عند إقامة مثل هذه المشروعات .  

وأيضا من الأسباب التي حالت دون استخدام الرواسب الطميية لبحيرة ناصر في هذا المشروع أن نواتج التكريك من الرواسب الطميية تخرج فى صورة مبتلة فيلزم لنقلها للأراضى الصحراوية المستهدف استصلاحها ان نقوم بنشرها وتجفيفها اولا لسهولة نقلها وبالتالي سوف يتم تبخير كميات كبيرة من المياه العذبة من هذه الرواسب الطميية أو نقلها كما هي وهذا يحتاج الى كونتينرات ضخمة وبالتالي تكاليف النقل تكون مرتفعة جدا ومن ثم ارتفاع التكلفة الاقتصادية لاستصلاح الفدان بهذه الطريقة. وللأسباب سالفة الذكر قام الفريق البحثي للمشروع باستبعاد اهم مصادر الطين الرطبة المتمثلة في تكريك الرواسب الطميية لبحيرة ناصر لصعوبة أستخرجها وانعدام جدواها الاقتصادية .


كما قام الفريق البحثي بدراسة المصدر الثاني من مصادر الطين الرطبة وهى استخدام نواتج تكريك وتطهير المصارف والترع والقنوات والرياحات وفصل حبيبات السلت والطين منها وحقنها في الأراضي الصحراوية المستهدف استصلاحها ولكن حال دون ذلك الممارسات الخاطئة مثل القاء مياه صرف المصانع والصرف الصحي والقاء القمامة والحيوانات النافقة بها ومن المعروف ان الطين يتمتع بسعة تبادلية كاتيونية مرتفعة ومساحة سطح معرض كبيرة جدا علاوة على انه سالب الشحنة مما يجعله يدمس العديد من العناصر الثقيلة على أسطح معادن الطين مما يسبب تلوث الأراضي الصحراوية المستهدف استصلاحها بهذه الطريقة بالعناصر الثقيلة التي تؤثر سلبا على صحة الأنسان والحيوان والإصابة بالأمراض والأوبئة الخطيرة.




المرحلة الأولى:



قام الفريق البحثي لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين بتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع بعمل خريطة الكترونية لحصر وتصنيف ودراسة مصادر الطين الجافة المنتشرة في الصحارى المصرية وترتيب أولويات استخدمها في حقن التربة الرملية بها لرفع خصوبتها وتحسين خواصها المائية ولكن الاستصلاح بهذه التقنية لابد أن يكون قائم على دراسة مستفيضة لمصادر الطين الجافة في مصر من حيث أماكن تواجدها بكميات اقتصادية وتحليل خواصها الطبيعية والكيميائية والمنرالوجية وتحديد معدن الطين السائد بها ونسبته ويتم توقيع كل هذه المعلومات لكل منطقة دراسة بإحداثياتها على خريطة إلكترونية يتم تحديثها بشكل دوري عند دراسة منطقة جديدة ويتم ترتيب أولويات إضافة مصادر الطين الجافة المدروسة للظهير الصحراوي القريب من كل منطقة دراسة لتحسين الخواص الطبيعية والكيميائية والمائية للتربة الرملية ورفع خصوبتها.

و بناءا على هذه الخريطة سيتم تحديد أماكن وضع خطوط الإنتاج لفصل حبيبات السلت والطين في الأماكن المدروسة بحيث تكون قريبة من المناطق المستهدف استصلاحها بهذه التقنية لتوفير تكاليف النقل وذلك لضمان استدامة المشروع وجدواه الاقتصادية. لذا تم تقسيم مصر إلى 4 نطاقات (المنطقة الغربية التي تمتد من الضبعة إلى السلوم) - (محافظة الوادى الجديد والواحات) - (شبه جزيرة سيناء وتشمل شمال ووسط وجنوب سيناء) – (المنطقة الجنوبية (صعيد مصر) ويمتد من الجيزة إلى أسوان) من أجل استصلاح الظهير الصحراوي لهذه المناطق الأربع. 
 

المرحلة الثانية:



كما قام الفريق البحثي لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين بتنفيذ المرحلة الثانية من المشروع من خلال أنشاء خط الإنتاج (قادر1) لتكسير وطحن وفصل حبيبات السلت والطين من المصدر ويخدم هذا الخط الأراضي الصحراوية المستهدف استصلاحها فى نطاق الساحل الشمالي الغربي (من الضبعة وحتى السلوم) وتم وضعه فى مركز التنمية المستدامة لموارد مطروح بمنطقة القصر ويتم تغذيته بخامات الطين التي تم دراستها في المنطقة الغربية ويقوم بفصل حبيبات السلت والطين منها تمهيدا لحقنها فى التربة الرملية المستصلحة حديثًا لتحسين خواصها الطبيعية والكيميائية والمائية ومن ثم توفير50 -60% من كميات مياه الري المضافة وتوفير35 – 50% من معدلات الأسمدة الكيميائية .

وكذلك توفير أكثر من 70% من الأسمدة العضوية المضافة بالإضافة الى زيادة إنتاجية الفدان المنزرع بالمحاصيل الحقلية والخضر والمستصلح باستخدام هذه التقنية من 15 – 35%. والجدير بالذكر أنه لا توجد تربة طينية تحتوى على نسبة 100% من حبيبات السلت والطين فأخصب أنواع الأراضي الطينية في مصر لا تزيد نسبة حبيبات السلت والطين فيها عن 50% والباقى رمل وشوائب لذا فأن خطوط فصل حبيبات السلت والطين من المصدر توفر اكثر من 50% من تكاليف النقل من خلال فصلها لحبيبات السلت والطين وهو المكون الاقتصادي للمشروع وليس الرمل والشوائب. 
 


المرحلة الثالثة:


ثم قام الفريق البحثي بتنفيذ المرحلة الثالثة للمشروع باستخدام تقنية حديثة لمعالجة الأراضي الرملية والرملية الجيرية المتدهورة بالملوحة والقلوية ورفع خصوبتها من خلال حقنها بحيبات السلت والطين المعالج ويحتاج الفدان المحقون كليا من 20 -25 طن فقط من خام السلت والطين المعالج وذلك على حسب قوام التربة الرملية وذلك لعمق حقن 40 – 50 سم وهى منطقة أنتشار الجذورالفعالة للخضر والمحاصيل الحقلية يتم ذلك من خلال معدات مبتكرة خاصة بذلك. كما تحتاج الشجرة من 70 - 100 كجم فقط من خام السلت والطين المعالج وذلك على حسب قوام التربة الرملية وذلك لعمق حقن 1 - 1,5م ويتم ذلك من خلال حاقن خاص بالشجر. 
 
ولقد وجد الدكتور علي عبد العزيز رئيس مشروع حقن التربة الرملية بالطين أن خامات الطين الجافة تتوافر بمليارات الأمتار المكعبة في شتى ربوع الصحارى المصرية مما يحقق الاستدامة لمشروع حقن التربة الرملية بالسلت والطين وتمكنه من التوسع الأفقي في مشروعات استصلاح الأراضي الصحراوية الحديثة من خلال مياه الري التي يتم توفيرها باستخدام هذه التقنية كما ان تواجد هذه الخامات يفتح آفاق التصدير لتميز هذه الخامات بجودتها العالية مقارنة بالدول الأخرى. لذا أوصي بضرورة التوسع في إنشاء خطوط إنتاج للسلت والطين في مختلف المناطق المستهدفة بسعة إنتاجية كبيرة لتحقيق المردود الاقتصادي للمشروع وضمان استدامة المشروعات القومية الزراعية الحالية والمستقبلية.




icon

الأكثر قراءة