تعد بذور الرجلة منتجاً ثانوياً أو مخلفاً زراعياً في كثير من المناطق، وغالباً ما تهمل بعد جمع الأوراق لذلك فإن إستخلاص الزيت منها يمثل قيمة مضافة بيئية وإقتصادية من خلال تحويل النفايات الزراعية إلى منتج غذائي وصحي مرتفع القيمة.
وفي ظل السعي العالمي للبحث عن مصادر طبيعية وصحية للدهون، برز زيت بذور الرجلة كأحد الكنوز النباتية التي كانت مهملة في السابق، فالرجلة – تلك النبتة البرية المنتشرة في الحقول وعلى أطراف المزارع – تحولت من مجرد "عشب بري" إلى مصدر واعد للأحماض الدهنية الأساسية والمركبات الحيوية ذات القيمة الغذائية والطبية العالية.
عادة يستخلص زيت بذور الرجلة بالطرق الميكانيكية على البارد أو عند درجات حرارة منخفضة لا تتجاوز 40 مئوية للحفاظ على المكونات الحساسة ويتميز هذا الزيت باحتوائه على نسب مرتفعة من حمض ألفا لينولينيك قد تتجاوز 40% من اجمالى الأحماض الدهنية، وهو أهم أحماض الأوميجا-3 النباتية.
وأيضا نسبة تتعدى 30% من حمض اللينوليك(أوميجا-6) بجانب الأحماض أحادية عدم التشبع مثل حمض الأوليك ( الأوميجا-9 ) بنسبة قد تصل إلى 20% ، وهذا المستوى من الأوميجا-6 يعتبر مثالياً للحفاظ على التوازن الغذائي بين الأوميجا-3 و الأوميجا-6 وهو مالا يتوفر في الزيوت الشائعة مثل زيت دوار الشمس أو زيت الصويا والتي تؤدي إلى اختلال النسبة المثالية داخل الجسم لارتفاع محتواها من الأوميجا-6. كما أن وجود الأوميجا-9 يزيد تميزه مما يعزز القيمة الصحية لزيت بذور الرجلة كمصدر متعدد الفوائد.
كما يحتوي على الفيتامينات الذائبة في الدهون مثل فيتامين(E) ومضادات الأكسدة الطبيعية مثل التوكوفيرولات والبولي فينولات.
وبفضل محتواه الفريد من المركبات النشطة حيوياً وكذلك الأحماض الدهنية الأساسية فله العديد من الفوائد الصحية ومنها :
تعزيز صحة القلب والأوعية الدموية:
حيث أنة من أغنى المصادر النباتية بحمض الألفا لينولينيك والذي يتحول في الجسم الى احماض ( EPA) و (DHA) واللذان يسهمان في خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) والدهون الثلاثية وزيادة مستوى الكوليسترول النافع (HDL) وكذلك تقليل الالتهابات الوعائية التي تسبق تصلب الشرايين، كما أن هذه الأحماض الغير مشبعة تعمل على تقليل لزوجة الدم وتحد من تكوَن الجلطات، مما يدعم صحة القلب ويقلل خطر الاصابة بأمراض الشرايين التاجية.
مضادة للأكسدة:
لاحتوائه على مضادات الأكسدة الطبيعية مثل التوكوفيرولات ( فيتامين E ) والفينولات والتي تعمل على خلب الشوارد الحرة (Free Radicals) وبالتالي فإن زيت بذور الرجلة يعمل على حماية أغشية الخلايا من التلف التأكسدي وكذلك الوقاية من الأمراض المزمنة مثل السرطان والسكري. تأثير مضاد للإلتهابات:
وذلك من خلال زيادة انتاج مركبات البروستاجلاندينات المضادة للالتهابات مما يجعل هذا الزيت ذو فائدة في الوقاية من الالتهابات المزمنة المرتبطة بأمراض المفاصل والسكري والكبد الدهني.
دعم صحة الدماغ والجهاز العصبي:
حيث أن أحماض الأوميجا-3 ومضادات الأكسدة معاً يلعبان دوراً مهماً في حماية الخلايا العصبية وتحسين نقل الاشارات العصبية وبالتالي تحسين الذاكرة والانتباه والحد من التدهور العصبي في مرض الزهايمر ودعم النمو العصبي في مراحل النمو المبكرة. تنظيم سكر الدم ووظائف الكبد:
حيث يقلل من مقاومة الانسولين ويساعد في خفض تراكم الدهون في الكبد مما يقلل من خطر الكبد الدهني وذلك يرجع إلى النشاط المضاد للأكسدة والالتهاب والذي يقلل من الاجهاد التأكسدي في الكبد والبنكرياس.
كما أن لزيت بذور الرجلة فوائد تجميلية للبشرة والشعر.
وختاماً فإن زيت بذور الرجلة مثال حي على كيف يمكن تحويل موارد بسيطة ومهملة إلى مصدر غذائي ودوائي مستدام، وبذلك فإنه بحق "الذهب الأخضر" القادم من نبات متواضع ليمنح الانسان غذاءً وصحةً وجمالاً في آن واحد.
إعداد
د. أحمد محمد أبو خشبة
باحث بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية



