أ
أ
16عامًا من المحاولات... فهل حان الوقت لحماية الثروة الداجنة وصحة المواطنين؟ ..على مدار ستة عشر عامًا، تتواصل المحاولات لتطبيق وتفعيل القانون رقم 70 لسنة 2009 بشأن تنظيم وبيع وتداول الطيور الحية في مصر.
السؤال المحوري هنا هو: هل تحتاج الفرخة حقًا إلى حظر نقلها بين المحافظات؟
الإجابة الواضحة والمباشرة هي نعم، فهذه الخطوة ضرورية وتصب في الصالح العام بشكل كبير، وتسهم بفاعلية في السيطرة على أمراض الدواجن، وعلى رأسها إنفلونزا الطيور، التي تسببت في خسائر فادحة للثروة الداجنة في مصر عامي 2006 و2015، مما أدى إلى نفوق الدواجن وإصابة المواطنين. ورغم استعادة الصناعة لعافيتها بفضل التوسع في المشروعات الاستثمارية، إلا أن الحاجة الملحة لتطبيق هذا القانون تظل قائمة.

قبل عام 2006، كانت مصر رائدة في تصدير منتجات الدواجن والكتاكيت والبيض لأكثر من 11 دولة أفريقية وآسيوية. لكن تفشي وباء إنفلونزا الطيور حينها وجه ضربة قاسية للصناعة.
اليوم، وبعد 16 عامًا من التعافي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من البروتين الأبيض، واعلان المنظمة العالمية للصحة الحيوانية (OIE) فى السنوات الماضية أن مصر ضمن قائمة الدول التي تعتمد نظام المنشآت الخالية من مرض إنفلونزا الطيور، يفتح الباب المزيد أمام الشركات المصرية لاستعادة مكانتها التصديرية المرموقة.

تعتبر صناعة الدواجن ركنًا أساسيًا من دعائم الأمن الغذائي المصري، حيث توفر البروتين الأبيض بأسعار مناسبة للمواطنين. وقد حققت مصر اكتفاءً ذاتيًا بإنتاج سنوي يبلغ 1.4 مليار دجاجة و13 مليار بيضة. ومع استثمارات تقدر بنحو 100 مليار جنيه مصري، تستوعب هذه الصناعة الحيوية أكثر من 3.5 مليون عامل.

لماذا تفعيل القانون ضرورة حتمية؟
في ظل التوسع في المشروعات الاستثمارية للدواجن وتطبيق إجراءات الأمان الحيوي الصارمة بالمزارع لزيادة الإنتاج وتعزيز القدرة التصديرية، يصبح تنفيذ وتفعيل قانون 70 لسنة 2009، الذي يحظر نقل وبيع الدواجن الحية بين المحافظات، أمرًا بالغ الأهمية. يهدف هذا القانون إلى:منع انتشار الأمراض: الحد من حركة الطيور الحية يقلل بشكل كبير من فرص انتقال الأوبئة بين المناطق والمزارع.
إحداث توازن في الأسعار: يساهم في تقليل دور "السماسرة" الذين يتلاعبون بالأسعار، ويضمن وصول المنتج بسعر عادل للمستهلك.
تقليل الخسائر: يحمي المربين من الخسائر المادية الجسيمة التي قد تنجم عن تفشي الأمراض.
ضمان تداول منتجات آمنة: يضمن أن المنتجات المتداولة خاضعة للرقابة الحكومية ومعايير الصحة والسلامة.
تطوير الصناعة: يدعم التحول نحو نظام إنتاج وتسويق أكثر حداثة وسلامة، مما يعزز من قوة الصناعة الوطنية.

تحديات التطبيق وآليات التغلب عليها
تطبيق القانون يتطلب تكاتفًا بين جميع الأجهزة والجهات المعنية، وينطوي على بعض التحديات، أبرزها تقبل الذوق المصري لتناول الدواجن المجمدة أو المبردة بدلًا من المذبوحة في المحلات. نقل الدواجن الحية يمثل خطرًا حقيقيًا لنقل الأمراض والعدوى. علاوة على ذلك، فإن عملية الذبح التقليدية في المحلات، التي تتضمن وضع الطائر في الماء الساخن ثم البارد فجأة، تتسبب في امتصاص الأنسجة العضلية للماء، وهو ما يعرف بـ "الضغط التفاضلي"، مما يؤثر على جودة اللحم.

يهدف تفعيل قانون منع بيع الدواجن الحية إلى خلق توازن سعري في قطاع الدواجن، يضمن وصول المنتج إلى المستهلك بسعر مناسب مع مراعاة تكلفة الإنتاج والتسويق.
كما يقلل من مخاطر التسويق التي يتعرض لها المربون، ويساهم في الحصول على سلعة مستدامة تحقق المصلحة لسلسلة القيمة المضافة بدءًا من الإنتاج وحتى وصول المنتج للمستهلك.

خطوات أساسية قبل التطبيق الفعلي
لضمان نجاح تطبيق القانون، لابد من اتخاذ عدة إجراءات رسمية مسبقة، منها:توقيع بروتوكول تعاون مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة: وذلك لتوفير ثلاجات التبريد لأصحاب المحلات من خلال قروض ميسرة، مما يسهل عليهم عملية التحول.
تهيئة المجتمع: يتطلب ذلك إعداد حملات توعية مكثفة وإجراء حوار مجتمعي لإقناع الجميع بضرورة القانون وأهميته، مع إعطاء فرصة كافية لأصحاب محلات بيع الطيور لتجهيز محلاتهم بثلاجات حفظ اللحوم المبردة والمجمدة، والتأكيد على عدم تضرر أي مربي أو محل دواجن من هذا التحول.
يشير تقرير لوزارة الزراعة إلى أن نقل وتداول الطيور الحية يسبب العديد من الأمراض، وأن تفعيل القانون سيقضي على دور "السماسرة" غير المنظم، ويضمن الذبح الآمن للدواجن وتحليلها في المجازر التي تشرف عليها الهيئة العامة للخدمات البيطرية بأسلوب صحي وآمن.

وقد سبق تطبيق قرار منع تداول الطيور في عام 2010، حيث لم يكن هناك محلات دواجن حية في المدن، وتحولت جميعها إلى بيع الدواجن المبردة والمجمدة.
تفعيل القانون سيقضي على انتشار الذبح في الأماكن غير المرخصة الذي يسبب التلوث البيئي وانتشار الأمراض، ويرتقي بمنظومة صناعة الدواجن ككل.
كما يحول الطيور من سلعة سريعة التلف يتحكم فيها "السمسار" وتتعرض لخسائر مادية جسيمة للمربين، إلى سلعة مستديمة تحافظ عليها الثلاجات وتخدم الصحة العامة، مما يحقق المصلحة لسلسلة القيمة المضافة خلال مراحل الإنتاج والتسويق والتجهيز والعرض للمستهلك.
