تُعد تربية الإبل من المشاريع الاقتصادية الواعدة التي تزداد أهميتها يومًا بعد يوم، خاصة في ظل التحديات المناخية والاقتصادية الحالية. وتُعرف الإبل بـ"سفينة الصحراء"، لما لها من قدرة عالية على التكيف مع البيئات القاسية، كما تتميز بقيمتها المتعددة، سواء في إنتاج اللحوم أو الألبان أو غيرها من المنتجات الاقتصادية، مما يجعلها من الركائز الأساسية لتنمية قطاع الثروة الحيوانية وتحقيق الأمن الغذائي.

اختيار السلالة وفق الهدف من التربية

نجاح مشروع تربية الإبل يعتمد بدرجة كبيرة على دقة اختيار السلالة المناسبة، حيث يُحدد ذلك بناءً على الهدف من التربية. فالسلالات
الضخمة مثل بعض السلالات الأفريقية يُفضّل استخدامها في إنتاج اللبن، بينما تبرز سلالات شمال إفريقيا كخيار مثالي لإنتاج اللحوم.

أما في حال الرغبة في تحقيق هدف مزدوج من اللحوم والألبان، فتوجد سلالات متعددة يمكنها تحقيق التوازن بين الإنتاجين. كما توجد
سلالات مخصصة للسباقات والمهرجانات، وتمثل جانبًا ترفيهيًا وسياحيًا له عائد اقتصادي كبير.

التغذية السليمة في مختلف المراحل العمرية

تلعب التغذية دورًا محوريًا في رفع كفاءة الإبل وتحسين الإنتاج. ويُوصى بجدولة التغذية اليومية لتشمل تقديم الأعلاف الخضراء في
فترات النهار، والعلف المركز في المساء، إلى جانب الأعلاف المالئة كالبرسيم الجاف والتبن.

وتبدأ رعاية الصغار بتقديم "السرسوب" في الأيام الأولى، لتعزيز المناعة، ثم يُحدد لهم نظام غذائي يتدرج وفق العمر والوزن. وتزداد كمية الحليب تدريجيًا حتى تصل إلى نحو 5 لترات يوميًا في الأسابيع الأولى، ثم يتم تقليل الكمية مع إدخال الأعلاف تدريجيًا استعدادًا للفطام، الذي يتم عادةً بين الشهر الرابع والتاسع.

بعد الفطام، تبدأ مرحلة النمو التي تتراوح من 9 أشهر إلى عامين، وخلالها تعتمد الإبل على الأعلاف الخشنة والعلف المركز، مع الحرص
على أن يحتوي النظام الغذائي على 12% بروتين، والذي يمكن تأمينه من الأعلاف الجاهزة أو النباتات الصحراوية.

برامج التغذية المخصصة

يُراعى تخصيص برامج تغذية دقيقة حسب الوزن والحالة الإنتاجية. فالإبل التي يتراوح وزنها بين 250 و400 كجم تحتاج إلى 2–4 كجم علف
مركز، و1.5 كجم دريس، و7 كجم علف أخضر، و2.5 كجم قش أو تبن. وتزداد هذه الكميات تدريجيًا في حالات الحمل أو الرضاعة، مع ضرورة
الاهتمام بفترة الدفع الغذائي قبل الولادة.

أما الذكور المُعدّة للتلقيح، فتخضع لنظام غذائي عالي القيمة، يشمل 5–6 كجم علف مركز، و2 كجم دريس، و9 كجم علف أخضر، إلى
جانب 5–6 كجم من التبن، لضمان القوة الجسدية والخصوبة.

كما ينبغي على المربين الاهتمام بتوفير مكعبات الفيتامينات والمعادن داخل أماكن التربية، لتقوية المناعة وتجنب مشكلات الإنجاب
والمواليد، مع ضرورة ضمان توازن النظام الغذائي ليشمل مصادر البروتين والطاقة والعناصر الدقيقة.