تُعد التغذية السليمة والمتوازنة حجر الزاوية في تربية الأبقار، فهي ليست مجرد توفير للغذاء، بل هي استثمار مباشر في صحة الحيوان وإنتاجيته وجودة منتجاته, تهدف برامج التغذية الفعالة إلى تحقيق عدة أهداف حيوية لضمان استمرارية القطيع ونموه.

أهمية التغذية المتوازنة للأبقار

تتعدد فوائد التغذية الجيدة للأبقار لتشمل:

- المحافظة على الحياة (العليقة الحافظة): توفير الاحتياجات الأساسية للحيوان للبقاء على قيد الحياة دون زيادة أو نقصان في الوزن.
- استمرارية زيادة الإنتاج (العليقة الإنتاجية): دعم إنتاج الحليب واللحوم، وضمان استدامته بمستويات عالية.
- سرعة وزيادة النمو: حيوية خاصة للعجول والأبقار الصغيرة لضمان وصولها لأوزانها المستهدفة بكفاءة.
- صحة جيدة ومقاومة الأمراض: نظام غذائي متكامل يعزز المناعة ويقلل من فرص الإصابة بالأمراض.
- إظهار الصفات الوراثية الجيدة: التغذية السليمة تمكن الحيوان من التعبير الكامل عن إمكانياته الوراثية في الإنتاج.
- تغذية الجنين أثناء الحمل: توفير جميع العناصر الغذائية اللازمة لنمو الجنين وصحة الأم الحامل.
- تعويض الأنسجة التالفة: مساعدة الجسم على تجديد خلاياه وأنسجته باستمرار.

العناصر الغذائية الأساسية في غذاء الأبقار

للحصول على أفضل النتائج، يجب أن تشتمل عليقة الأبقار على العناصر الغذائية الرئيسية بنسب متوازنة:

- المياه: ضرورية لجميع العمليات الحيوية.
- الطاقة: تُستمد من الكربوهيدرات والدهون، وهي وقود الجسم للنمو والإنتاج.
- البروتين: أساس بناء العضلات والأنسجة، وإنتاج الحليب.
- الأملاح المعدنية: ضرورية لبناء العظام، وظائف الأنسجة، وتوازن السوائل في الجسم.
- الفيتامينات: عوامل مساعدة حيوية للنمو، المناعة، والوظائف الفسيولوجية.

كمية الأعلاف التي يحتاجها الحيوان: العليقة الحافظة والإنتاجية

يُخصص غذاء الحيوان لغرضين أساسيين:

العليقة الحافظة: الكمية اللازمة لحفظ حياة الحيوان دون تغير في وزنه، وتُحسب بناءً على وزن الحيوان.
العليقة الإنتاجية: الكمية الإضافية اللازمة لدعم الإنتاج (حليب أو لحم)، وتُحسب بناءً على كمية الإنتاج، مع مراعاة نسبة الدهن في الحليب عند الأبقار الحلوب.

أنواع مواد العلف المقدمة للأبقار

تنقسم مواد العلف إلى نوعين رئيسيين:
مواد علف مركزة:

مصدر نباتي: مثل الحبوب (الشعير، الذرة، الفول) أو مخلفات المعاصر (كسبة الفول، كسبة بذر القطن) أو مخلفات المطاحن (النخالة).
مصدر حيواني: مخلفات المسالخ (مسحوق العظم، الدم، محتويات الكرش) ومخلفات مصانع الأسماك (مسحوق السمك)، وهي غنية جدًا بالبروتين والأملاح المعدنية. تتميز بقابلية هضم أعلى وتوفر طاقة وبروتين ومعادن أكثر.

مواد علف مالئة:

جافة: مثل الدريس (البرسيم المجفف)، حشيشة الرودس الجافة، والأتبان (تبن القمح، الشعير، العدس).
خضراء: مثل البرسيم (الجت)، حشيشة السودان، الذرة الرفيعة والشامية، الشعير الأخضر، وعلف الفيل الأخضر, تُعد الأعلاف المالئة ضرورية لملء الكرش وتعزيز عملية الاجترار وتنشيط الجهاز الهضمي، كما تساهم في تكوين الدهن في الحليب, يُراعى أن لا تزيد نسبة الأعلاف المركزة عن 60% من العليقة للحفاظ على نشاط الكرش ونسبة الدهن الطبيعية بالحليب.

طرق تغذية الأبقار: نماذج عملية

أولاً: الأبقار الحلوب

يعتمد دخل المربي بشكل كبير على التغذية الدقيقة للأبقار الحلوب, تحت الظروف البيئية، يحتاج الحيوان الواحد إلى 4-5 كيلوجرامات/يوم من العلف المركز (18% بروتين) كعليقة حافظة، بالإضافة إلى 1 كيلوجرام علف مركز/يوم لكل 2.5 لتر حليب تنتجه البقرة كعليقة إنتاجية. الحد الأقصى للعلف المركز لا يزيد عن 15 كجم/يوم للبقرة.

مثال: بقرة تنتج 20 لتر حليب يوميًا تحتاج إلى 4 كجم علف حافظ + 8 كجم علف إنتاجي = 12 كجم علف مركز/يوم.
تقسيم القطيع: لضمان التغذية المثلى، تُقسم الأبقار إلى مجموعات بناءً على الإنتاج (عالية، متوسطة، منخفضة الإنتاج)، مما يسهل التحكم في الكميات المقدمة.

توقيت التغذية والحلب: يجب أن يكون هناك برنامج يومي ثابت لمواعيد التغذية والحلب (عادة مرتين يوميًا بفارق 12 ساعة، وقد تصل إلى 3 مرات للأبقار عالية الإنتاج).

أهمية الأعلاف المالئة الخضراء: ضرورية جداً لما تحتويه من فيتامينات وأملاح معدنية، خاصة فيتامين (أ) الضروري للأبقار الحلابة والحامل والجنين. تُقدم بكميات تقدر بـ 10-12 كجم/يوم للأبقار الحلابة، و15 كجم/يوم للأبقار الحامل الجافة.

ثانياً: الأبقار الجافة

وهي الأبقار الحوامل التي يتم تجفيفها (وقف الحلب) على عمر سبعة أشهر, تهدف عملية التجفيف إلى:

توجيه عنصر الكالسيوم لتكوين عظام الجنين وتقويته.
تلبية الاحتياجات الغذائية المتزايدة للجنين خلال الشهرين الأخيرين من الحمل (يزيد وزن الجنين 40% في الشهر الأخير).
يُقدم العلف المركز خلال الشهر الثامن بمتوسط 7 كجم/يوم، وفي الشهر الأخير (التاسع) بمتوسط 9 كجم/يوم.
ملاحظة هامة للمزارع المستوردة: عند استيراد الأبقار، يجب تقديم الأعلاف المركزة تدريجيًا لتجنب حالات النفوق بسبب التخمة. يُنصح بتقديم الأعلاف المالئة فقط خلال اليومين الأولين، ثم زيادة العلف المركز تدريجيًا بواقع 1 كجم/يوم بدءًا من اليوم الثالث.

إضافات الأعلاف: الأملاح المعدنية والفيتامينات

تُعد الأملاح المعدنية والفيتامينات مكملات أساسية للعليقة، حيث تضمن استمرار حياة الحيوان وتنظم معظم العمليات الحيوية.

الأملاح المعدنية: ضرورية لبناء العظام، تركيب الأنسجة، والسوائل الحيوية. تُضاف عادة بنسبة 1-2% من خلطة العلف المركز، وقد تُقدم أيضًا على شكل طابوق ملحي يعلق في الحظائر.

الفيتامينات: ضرورية بكميات ضئيلة لجميع مراحل حياة الحيوان, الأبقار المجترة قادرة على تكوين معظم فيتامينات ب المركب وفيتامين ج. فيتامين (د) يُستمد من ضوء الشمس، وفيتامين (أ) متوفر في الأعلاف الخضراء، وفيتامين (هـ) يوجد في جميع الأعلاف الخضراء والحبوب.

ملاحظة للعجول حديثة الولادة: بما أن العجول الرضيعة غير مجترة حتى عمر 4 أشهر، يجب إضافة جميع الفيتامينات إلى عليقتها، خاصة بدائل الحليب.

خصائص العليقة المثالية

يجب أن تتميز العليقة المقدمة للحيوان بالآتي:

مستساغة وشهية للحيوان.
لها تأثير فسيولوجي وصحي جيد.
قليلة التكاليف ورخيصة قدر الإمكان.
تتكون من مواد غذائية متنوعة، مع حجم مناسب لملء الكرش.
سهولة الحصول على مكوناتها.