يواجه مربى الأبقار الحلابة تحديًا كبيرًا في اختيار مواد العلف المناسبة في ظل الارتفاع المستمر في أسعارها، مما يدفعهم للمفاضلة بين المواد المتاحة غالبًا على أساس السعر، متجاهلين أحيانًا الأهمية الغذائية وكفاءة كل مادة في تلبية الاحتياجات الغذائية للحيوان, فعند تركيب الأعلاف، من الضروري مراعاة احتياجات الحيوانات من البروتين والطاقة والألياف، خاصة للأبقار الحلابة، حيث تلعب الألياف دورًا حيويًا في الحفاظ على نسبة الدهن في الحليب وإعطاء الحيوان الشبع الفسيولوجي.



تُعد الذرة الصفراء والشعير من المصادر الغنية بالطاقة الشائعة الاستخدام عالميًا, وفي البلدان التي يتوفر فيها الشعير بسهولة وبسعر منخفض، مثل المغرب، يميل المربون إلى تفضيل الشعير على الذرة, هذا التفضيل قد يكون مبررًا بأن المشاكل الغذائية الناتجة عن استخدام الشعير أقل من تلك الناتجة عن الذرة، فاستبدال الشعير بالذرة الصفراء بكميات متساوية قد يؤدي إلى حالات من زيادة الحموضة (acidosis) والانتفاخ (bloat)، خاصة إذا كانت الذرة مجروشة ناعمًا.

الفروقات الغذائية بين الذرة والشعير

المشكلة الرئيسية لا تكمن في الذرة الصفراء بحد ذاتها، بل في إهمال الفروقات الجوهرية في المواصفات الغذائية بين الشعير والذرة الصفراء، وكذلك الشكل الفيزيائي للذرة (درجة النعومة أو المعاملة الحرارية).

يشير التحليل الكيماوي إلى أن الفرق الأساسي بين الذرة الصفراء والشعير يكمن في محتوى الألياف والبروتين, يُعد محتوى الألياف في الشعير أعلى من الذرة، وقد انعكس هذا الفرق على قيم الطاقة الممثلة (ME) وقيم الطاقة الصافية لإنتاج الحليب (NEL), يُعتبر مقياس الطاقة الصافية لإنتاج الحليب (NEL) هو الأهم للمقارنة بين مصادر الطاقة المختلفة.

بناءً على قيم الطاقة الصافية لإنتاج الحليب (NEL)، التي تبلغ 1.66 في الشعير، و1.91 في الذرة المجروشة خشن، و2.01 في الذرة المجروشة ناعم، يمكن القول إن كيلوجرام واحد من الشعير يعادل حوالي 860 جرامًا من الذرة الصفراء المكسرة أو 830 جرامًا من الذرة الصفراء الناعمة, يمكن تعويض الفرق في الكمية المستخدمة بإضافة مادة غنية بالألياف مثل النخالة.

تفوق الذرة الصفراء في الأداء الاقتصادي والإنتاجي

من الناحية العملية، وعند توافر مواد العلف الخشنة الجيدة مثل دريس البرسيم والأعلاف المالئة كالتبن أو القش، فإن استخدام الذرة الصفراء يكون أفضل من استخدام الشعير, وقد أظهرت تجارب أجريت على الأبقار الحلابة للمقارنة بين استخدام الذرة الصفراء والشعير في علائقها النتائج التالية:

كمية الحليب: لم تختلف كمية الحليب الناتجة من الأبقار عند التغذية على الذرة أو الشعير.
نسبة دهن الحليب: زادت نسبة دهن الحليب في الأبقار التي تغذت على الذرة مقارنة بتلك التي تغذت على الشعير، حيث كان تركيز حمض الأسيتيك والبيوتريك في كرش الأبقار المغذاة على الذرة أعلى.

نسبة بروتين الحليب: زادت نسبة بروتين الحليب في الأبقار المغذاة على الذرة الصفراء، ويرجع ذلك إلى جودة نشا الذرة الصفراء مقارنة بنشا الشعير.


العائد الاقتصادي: أشارت الحسابات الاقتصادية في هذه التجارب إلى أن العائد الاقتصادي من استخدام الذرة الصفراء كان أعلى مقارنة باستخدام الشعير.

يتضح من هذه النتائج أن اختيار الذرة الصفراء قد يكون الخيار الأمثل للمربين الراغبين في تحقيق أقصى استفادة اقتصادية وإنتاجية، خاصة عند استخدامها مع مواد علف خشنة جيدة، ومع مراعاة الفروقات الغذائية وتعديل الكميات لتجنب المشاكل الهضمية.