لطالما كانت البيضة رمزًا للحياة والكمال، لكن قليلين هم من يدركون التعقيدات المذهلة التي تكمن وراء تكوينها, يكشف "أجرى نيوز" اليوم معلومات حصرية حول هذه العملية البيولوجية الدقيقة، بدءًا من التراكيب الدقيقة في البياض وصولاً إلى القشرة الصلبة والملونة.
تبدأ رحلة تكوين القشرة بعد اكتمال تكون غشائي البياض، وهي مهمة تقع على عاتق منطقة حساسة تعرف باسم البرزخ , هذه المنطقة الشفافة، والخالية من الغدد الأنبوبية، تفرز أليافًا بروتينية تشكل شبكة متماسكة يربطها غطاء جليكوبروتيني.
يتكون الغشاء الداخلي للبيضة من ألياف رقيقة للغاية ويبلغ سمكه حوالي 15 ميكرون، ويتم إفرازه في الجزء الأمامي من البرزخ. أما غشاء القشرة الخارجي، فهو يتميز بألياف أكثر سمكًا ويصل سمكه إلى 50 ميكرون، ويتم إفرازه في الجزء الخلفي من البرزخ.
الأكثر إثارة للدهشة هو أن الغشاء الخارجي يستقبل "كرات" دقيقة من مادة "ميوكو بولي سكاريد" (Mucopolysaccharides) وبروتين فوسفوري، تُعرف باسم المراكز الحلمية (Mamillary Cores). هذه المراكز تشكل القاعدة الأساسية التي يترسب عليها كربونات الكالسيوم، المكون الرئيسي للقشرة. وأثناء وجود البيضة في البرزخ، تُضاف كميات كبيرة من السوائل إلى البياض.
تكوين القشرة: معجزة الكالسيوم في الرحم
داخل رحم الدجاجة (Sell Gland)، يتم سحب الكالسيوم من الدم بمعدل مذهل يتراوح بين 100 و 150 ملليجرام في الساعة، لتوفير حوالي 2 جرام من الكالسيوم الضروري لتكوين قشرة البيضة الواحدة. يحتوي دم الدجاجة بشكل طبيعي على ما بين 20 إلى 30 ملليجرام من الكالسيوم لكل 100 ملليتر من الدم.
في النهاية، تخرج القشرة مكونة من أربع طبقات رئيسية:
الطبقة الحلمية (Mammillary Layer)
الطبقة الكرستالية (Crystal Layer)
الطبقة الإسفنجية (Palisade Layer)
طبقة الكيوتيكل (Cuticle Layer)
أثناء تواجد البيضة في منطقة البرزخ، يضاف إليها حوالي 15 جرامًا من الماء، ويحدث تبادل للأيونات مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم بين البيضة والسوائل الموجودة في الرحم.

كما يتم ترسيب كربونات الكالسيوم، وبعض الصبغات، وطبقة الكيوتيكل, لتخرج البيضة في النهاية تحت ضغط العضلات الدائرية والطولية، بقشرة تتكون من حوالي 2-3% بروتين و 97-98% كربونات كالسيوم.
ألوان البيض والعوامل المؤثرة على جودة القشرة
تعد الصبغات التي تفرز على القشرة في البيض الملون مسؤولية الخلايا الطلائية, هذه الصبغات عبارة عن مادة البورفرين الناتجة عن تمثيل الهيموجلوبين، وتترسب خلال آخر ساعتين من مرحلة تكوين القشرة, في الختام، يتم ترسيب طبقة الكيوتيكل الواقية، والتي تتكون من بروتين وبولي سكرايد ودهون.
تتأثر جودة قشرة البيضة بعدة عوامل حيوية، أبرزها:
توافر المعادن: مثل الكالسيوم والفوسفور.
توافر الفيتامينات: خاصة فيتامين D وفيتامين C، حيث يساهمان بشكل كبير في امتصاص الكالسيوم من الأمعاء.
العظام النخاعية (Medullary bone - MB): وهي نسيج خاص بالإناث فقط، يعتمد على هرمون الإستروجين ويوجد في الطيور البياضة. تقوم هذه العظام بتخزين الكالسيوم قبل حوالي 10 أيام من بداية وضع البيض، وتنشط لتخزين الكالسيوم بتحفيز من هرمون الإستروجين الذي يفرز من المبيض.

هذه العملية المتكاملة والدقيقة تظهر مدى التعقيد البيولوجي وراء كل بيضة نتناولها، وتبرز أهمية التغذية السليمة والعوامل البيئية للحفاظ على جودة إنتاج الدواجن.