أ
أ
يطرح المهندس محمود عطا، استشاري الإدارة المركزية بوزارة الزراعة، رؤيته حول الواقع الحالي للإرشاد الزراعي الحكومي في مصر، معتبرًا أنه "في خبر كان"، أي أصبح من الماضي. يبدأ عطا مقاله بتحديد المهام الأساسية للإرشاد الزراعي كما وردت في اللوائح الرسمية لوزارة الزراعة، ليقارنها بعد ذلك بالواقع العملي على الأرض، ويكشف عن الفجوة الكبيرة بين الأهداف المرسومة والتطبيق الفعلي.
مهام الإرشاد الزراعي الحكومي .. على الورق
وفقًا للمهندس محمود عطا ، تتلخص مهام الإرشاد الزراعي الحكومي، حسب تعريف وزارة الزراعة، في عدة نقاط جوهرية تهدف إلى تمكين المزارع وتحقيق تنمية زراعية شاملة:دعم المزارعين: مساعدة المزارعين في تحديد المشكلات والمعوقات التي تواجههم، وتزويدهم بالممارسات الزراعية السليمة للتغلب عليها.
الاستخدام الأمثل للموارد: توجيه المزارعين نحو الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة مثل المياه والتربة والطاقة، لضمان الاستدامة.
نقل الابتكارات والتقنيات الحديثة: تزويد المزارعين بأحدث الابتكارات والتقنيات التي تسهم في زيادة الإنتاج والحفاظ على الموارد الطبيعية.
ربط البحث العلمي بالمزارع: تزويد أجهزة البحث العلمي بالمشكلات الزراعية التي يعاني منها المزارعون، لنقل نتائج الأبحاث والتوصيات إليهم بعد إيجاد الحلول المناسبة.
تطوير القدرات التسويقية: تنمية قدرة المزارع على الاستثمار وإيجاد فرص تسويقية للمنتجات الزراعية، بما يعزز من قيمتها الاقتصادية.
تحسين مستوى المعيشة الريفية: رفع مستوى معيشة سكان الريف وزيادة دخولهم من خلال نقل المعرفة في مجالات الصناعات الريفية والحرف اليدوية التي تعتمد على المنتجات الزراعية.
التوعية بالقوانين والسياسات الزراعية: توعية المزارعين بالقوانين والسياسات التي تضعها الدولة للحفاظ على الثروة الزراعية.
المشاركة المجتمعية: التعاون مع المؤسسات الحكومية الأخرى في توعية المجتمعات الريفية في المجالات الصحية والبيئية والتعليمية وغيرها.
الواقع الأليم خدمة غير مُرضية
يؤكد المهندس عطا أن هذه المهام ، ورغم وضوحها وأهميتها، إلا أن قياس الأداء على أرض الواقع يكشف عن عدم رضا العميل – المزارع – عن الخدمة المقدمة، سواء كان رضا تامًا أو جزئيًا. ويعزو ذلك إلى أن الخدمة لا تُقدم إلا في إطار "إرهاصات" تقوم بها بعض الإدارات بهدف إرضاء المسؤول الأول ومن بيده منح المكافآت والحوافز وقرارات الترقيات، وليس لخدمة المزارع بشكل حقيقي .أسباب القصور والتراخي
يلخص المهندس محمود عطا الأسباب الرئيسية وراء هذا التدهور في الإرشاد الزراعي في عدة نقاط:تقلص أعداد المرشدين: هناك نقص حاد في أعداد المرشدين الزراعيين، بل وانعدام توفرهم، وهو ما يشير إلى فقدان رؤى التطوير لدى أصحاب القرار.
غياب الإدارة المتخصصة للتدريب: عدم توفر إدارة متخصصة لتدريب الأعداد القليلة المتبقية من المرشدين.
انهيار مراكز الدعم الإعلامي: خروج مراكز الدعم الإعلامي الزراعي عن الخدمة، مما يحد من انتشار المعلومات الحديثة.
تدهور الإدارة المركزية للتدريب الزراعي: انهيار هذه الإدارة وفقدان أراضيها لخصوبتها بسبب سوء الاستغلال.
ضعف دور التعاونيات الزراعية: عدم قدرة التعاونيات الزراعية على تقديم إرشاد زراعي فعال من خارج وزارة الزراعة، لافتقارها إلى منهجية العمل المجتمعي وضعف صلتها بالجامعات أو المدارس أو حتى كبرى الشركات الزراعية التي تمتلك خبرات واسعة يمكن أن تحدث طفرة في الإرشاد الزراعي كخدمة مجتمعية.
طريق العلاج: الاعتراف بالمرض والعلم هو الحل
يختتم المهندس محمود عطا مقاله مؤكدًا على أن الخطوة الأولى نحو حل المشكلة تكمن في الاعتراف بوجودها. ويشبه الوضع بالمريض الذي يجب أن يعترف بمرضه ويذهب إلى "الطبيب المختص" وليس "حلاق الصحة"، وأن يؤمن بأن العلم وحده هو الحل الصحيح. فإذا صدقت الرغبة في العلاج، صدق الطبيب في وصف الدواء.ويشدد على أن تفعيل دور الإرشاد الزراعي يتطلب رؤية واضحة، وإعادة هيكلة شاملة، واستثمارًا حقيقيًا في الكوادر البشرية، وتعزيز الشراكات مع الجهات البحثية والقطاع الخاص، لضمان وصول المعرفة والتقنيات الحديثة إلى المزارعين بشكل فعال، بما يحقق التنمية الزراعية المستدامة ويعزز من دخل المزارعين ومستوى معيشتهم.
المهندس محمود عطا استشاري الإدارة المركزية بوزارة الزراعة