في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي تهدد إمدادات مكونات الأعلاف المستوردة، يشدد الدكتور أحمد حسين عبد المجيد، استشاري التغذية بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني التابع لمركز البحوث الزراعية، على ضرورة التوجه نحو البدائل العلفية المحلية لتأمين صناعة الدواجن والإنتاج الحيواني والسمكي المصرية، التي تقدر استثماراتها بأكثر من 200 مليار جنيه وتوفر البروتين الحيواني لأكثر من 110 ملايين مصري.
في حوار خاص، أوضح الدكتور عبد المجيد أن أزمة الأعلاف الأخيرة دفعت إلى وضع برامج للبدائل العلفية، مؤكدًا أن كل مزرعة أو مصنع أعلاف يجب أن يمتلك برنامجًا منظمًا لإدارة هذه البدائل، خاصة مع وجود حجم هائل من المخلفات الزراعية في مصر يتراوح بين 50 إلى 60 مليون طن سنويًا.
نوى البلح.. بديل واعد وغني بالطاقة:
كشف الدكتور عبد المجيد أن من أبرز المخلفات الزراعية الصالحة كبديل علفي نوى البلح، وأوضح أن بذور ثمار البلح، سواء كانت طازجة أو جافة أو نصف جافة، صحيحة أو مجروشة، يمكن استخدامها بشرط خلوها من العفن والمواد الغريبة ومطابقتها لمواصفات محددة تتضمن نسبة بروتين خام لا تقل عن 7%، ورطوبة لا تزيد عن 8%، وألياف خام لا تزيد عن 40%، ورماد خام لا يزيد عن 0.9%.
وأكدت الدراسات أن لنوى البلح تأثيرًا إيجابيًا على معدلات النمو في دجاج التسمين، ويعزى ذلك إلى وجود بعض هرمونات النمو داخل النواة التي تساهم في زيادة مستوى الأحماض الأمينية في الدم وتسريع دخولها إلى الأنسجة، كما لوحظ تأثيره الهرموني على الأداء التناسلي في إناث الحيوانات عند استخدامه بنسبة لا تتجاوز 25% من العليقة المركزة.
وأشار إلى أن نوى البلح لا يستخدم في صورته الأولية الصلبة، بل يتم جرشه أو نقعه في الماء لمدة ثلاثة أيام على الأقل لتليينه، ثم يجفف ويطحن ويضاف إلى مكونات العليقة المركزة. وقد تم تسجيل نوى البلح كمادة علفية في وزارة الزراعة منذ عام 1998.

السالكورنيا.. حل مبتكر للزراعة بالمياه المالحة:
بالإضافة إلى نوى البلح، سلط الدكتور عبد المجيد الضوء على نبات السالكورنيا كحل غير تقليدي لتوفير الأعلاف وزيت الطعام في مصر الصحراوية التي تعاني من محدودية الأراضي والمياه العذبة. وأوضح أن هذا النبات يمكن زراعته على شواطئ مصر الشمالية والشرقية باستخدام مياه البحر بنسبة 100%، وقد أثبتت الدراسات أنه آمن تمامًا في التغذية وعالي في محتوى البروتين، مما يحقق الاكتفاء الذاتي من زيت الطعام والأعلاف.
تحديات وحلول لتفعيل دور البدائل العلفية:
أقر الدكتور عبد المجيد بوجود تحديات تواجه استخدام المخلفات الزراعية كأعلاف، أبرزها عمليات التجميع والإعداد، وضرورة وضع خطة استراتيجية طويلة الأمد لانتقاء أفضل البدائل. كما أشار إلى أن بعض مصانع الأعلاف قد تتحفظ على استخدام البدائل لتأثيرها المحتمل على لون العلف، رغم عدم وجود مرجع علمي يربط بين اللون والقيمة الغذائية.
ودحض المخاوف بشأن تراجع معدلات تسمين الدواجن عند استخدام البدائل بالنسب الآمنة التي حددتها التجارب، مؤكدًا أن بعض هذه البدائل تحتوي على مركبات الفيتو التي لها تأثير إيجابي على النمو والمناعة.
وشدد على ضرورة التفكير خارج الصندوق واستخدام حلول غير تقليدية مثل زراعة السالكورنيا بالمياه المالحة، داعيًا إلى تجاوز طرق التفكير التقليدية التي تعيق استخدام البدائل والوصول إلى الاكتفاء الذاتي من الأعلاف.

توجهات مستقبلية لتأمين صناعة الأعلاف:
أكد الدكتور عبد المجيد على ضرورة التوجه نحو استخدام الخامات التبادلية في تصنيع الأعلاف، والتركيز على الخامات ذات القيمة الغذائية العالية في أوقات الأزمات، خاصة في صناعة الدواجن ذات الاحتياجات الغذائية المرتفعة. كما دعا إلى إعداد علائق للأزمات تعتمد على مكونات محلية بنسبة 100%، واستخدام الإضافات العشبية والنباتات الطبية للحد من استخدام الأدوية الكيماوية في صناعة الدواجن لإنتاج بروتين رخيص وآمن.
وفي الختام، شدد على أهمية تطبيق التجارب الناجحة في مراكز الأبحاث والجامعات على بدائل خامات الأعلاف لإيجاد مقومات محلية قوية لصناعة الأعلاف في مصر.