تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، مقطع فيديو لقبطان بحري يدعى محمد نور، عبر “تيك توك”، يتحدث فيه عن رصد حركات غريبة وتحركات في باطن البحر المتوسط مجهولة المصدر، تندد بحدوث مجموعة من الزلازل والكوارث الطبيعية المستقبلية.

وخلال مقطع الفيديو المثير للجدل، زعم القبطان الشاب، أن هذه الظواهر ليست عشوائية، بل إنها بفعل فاعل بنسبة 100%، محذرًا من كارثة بحرية مرتقبة ستصيب البحر المتوسط الفترة المقبلة.

تأتي مزعم القبطان لتعيد الجدل حول نظريات المؤامرة والمرتبطة بمشروع هارب "HAARP" الأمريكي، المعني بدراسة الغلاف الأيوني للأرض، والذي ارتبط بشائعات حول قدرته على افتعال هزات أرضية في أي مكان والتحكم في حالة المناخ والطقس، باعتباره سلاحًا فتاكًا ضد أي عدو.

التعليق 

اللى بيتكلم عليه هذا الشخص هو نتيجة ظاهرة طبيعية معروفة في علوم البحار اسمها "الموجات الداخلية" أو Internal Waves، ودي بتحصل لما طبقات الميّه في أعماق البحر تختلف في الكثافة، بسبب فرق في درجة الحرارة أو الملوحة، فتبدأ تتحرك بشكل متموج جوه البحر نفسه في الاعماق و تحت السطح. الموجات دي مش بنشوفها بسهولة، لكن أوقات بتظهر في فيديوهات أو صور أقمار صناعية لما يتغير انعكاس الضوء على سطح البحر.

 الشخص اللي في الفيديو مفيش عليه أي صفة علمية واضحة، ومفيش أي إشارة لقياسات أو بيانات (زي سرعة الرياح، أو درجات حرارة الميّه، أو أعماق التيارات)، وده يخلي تعليقه غير موثوق، خاصة إنه بيستخدم مصطلحات عامة من غير خلفية علمية أو تحليل معتمد.

أما عن سؤال: هل دي ليها علاقة_بارتفاع_الموج على سواحل مصر؟

الإجابة

ممكن يكون في علاقة "غير مباشرة"، لكن مش السبب الرئيسي.

الأيام دي البحر المتوسط، خاصة السواحل الشمالية لمصر، بيشهد نشاط ملحوظ لرياح شمالية غربية قوية، وده طبيعي بيحصل في بداية فصل الصيف بسبب امتداد المرتفع الأزوري، وده اللي بيخلّي الأمواج تعلى بشكل واضح، وتوصل أحيانًا لـ 2.5 أو 3 متر. الرياح دي كمان ممكن تعزز حركة التيارات الداخلية في البحر، اللي بدورها تساعد على ظهور الموجات الداخلية، بس ده مش معناه إن اللي حصل في الفيديو "غريب" أو "مخيف".

وعشان كده بنأكد إن:

 الظاهرة طبيعية 100%، وبتتكرر في مناطق كتير في العالم، خصوصًا البحار شبه المغلقة زي البحر المتوسط.

مفيش أي مؤشرات علمية على نشاط زلزالي أو تسونامي أو بركان زي ما بعض الناس بتهوّل.

ارتفاع الموج حالياً سببه الأساسي الرياح الموسمية المعروفة في بداية الصيف.

خطورة_الانسياق وراء محتوى السوشيال ميديا بدون أساس علمي:

في زمن السوشيال ميديا، أي شخص ممكن يصوّر فيديو أو يعلّق على ظاهرة طبيعية بأسلوب درامي أو مضلِّل، ويوصّل للناس انطباع خاطئ عن وجود خطر كبير، من غير ما يكون عنده خلفية علمية أو بيانات موثوقة.

الانسياق ورا النوع ده من المحتوى بيؤدي لحالة من البلبلة، ويضرب ثقة الناس في المصادر العلمية الحقيقية. الخطر الحقيقي مش في الظاهرة نفسها، لكن في تداولها بدون تحليل علمي أو رجوع لجهات مختصة، وده ممكن يسبب ذعر عام أو تضليل في تفسير الأمور.

علشان كده، بننصح دايمًا إننا ما ناخدش كل اللي بيتقال على السوشيال ميديا كأنه حقيقة، خصوصًا لما يكون عن حاجات حساسة زي تغيرات البحر، الزلازل، أو الظواهر المناخية.

فالعلم له أدواته، والمعلومة الصح محتاجة دليل، مش انطباع.

أستاذ دكتور / محمد علي فهيم
رئيس مركز معلومات تغير المناخ