شهدت السنوات الأخيرة انتشارًا واسعًا لمشروبات الطاقة بين الشباب والمراهقين، حتى أصبحت ظاهرة مقلقة في كثير من المجتمعات، وعلى رأسها المجتمع المصري.

تُسوَّق هذه المشروبات على أنها وسيلة سريعة لزيادة النشاط والتركيز وتحسين الأداء البدني والعقلي، لكنها في الواقع تخفي خلف مظهرها الجذّاب العديد من الأضرار الصحية والنفسية.

تعريف مشروبات الطاقة ومكوناتها

مشروبات الطاقة هي مشروبات غير كحولية تُستخدم لزيادة النشاط البدني والذهني.
تحتوي بشكل رئيسي على:
• الكافيين
• السكر
• الجلوكورونولاكتون
• التورين
• الجوارانا
• الإينوسيتول
• فيتامينات مختلفة
• مستخلصات نباتية مثل الجنسينج

وتصل نسبة الكافيين في بعضها إلى ثلاثة أضعاف ما تحتويه القهوة، مما يجعلها ذات تأثير محفز قوي قد يؤدي إلى آثار صحية سلبية عند الإفراط.

انتشار مشروبات الطاقة بين الشباب
يرجع انتشار هذه المشروبات بين الشباب إلى عدة عوامل، أبرزها:

• الإعلانات الجذابة والمؤثرة
• الربط بينها وبين النجاح الرياضي أو التفوق الذهني
• سهولة توفرها في المحلات التجارية وصالات الألعاب
• اعتقاد خاطئ بقدرتها على تحسين الأداء البدني والذهني، خاصة قبل الامتحانات أو أثناء ممارسة الرياضة

الآثار الضارة لمشروبات الطاقة على الشباب والمراهقين

رغم ما يُروَّج عنها، تُعد مشروبات الطاقة خطرًا صحيًا حقيقيًا، خاصة عند الإفراط في تناولها. ومن أبرز أضرارها:
• زيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم
• القلق والتوتر واضطرابات النوم
• الاعتماد النفسي والإدمان على الكافيين
• مشاكل في الكبد والكلى عند الاستهلاك المزمن
• خطر على مرضى السكري بسبب ارتفاع نسبة السكر
• الصداع والأرق
• تأثيرات سلبية على النمو عند المراهقين

ضرورة وضع ضوابط لبيعها

من الضروري أن تتدخل الجهات المختصة لوضع ضوابط صارمة للحد من انتشار مشروبات الطاقة، مثل:
• منع بيعها لمن هم دون 18 عامًا
• منع بيعها في المدارس والجامعات
• إجبار الشركات على وضع تحذيرات واضحة على العبوة
• فرض ضرائب خاصة للحد من استهلاكها
• عدم التوصية بتناولها للحوامل أو الأطفال

دور الإعلام في انتشارها والتوعية بمخاطرها

للإعلام دور مزدوج في هذه القضية، حيث:
• يساهم في الترويج الواسع لمشروبات الطاقة من خلال الإعلانات المبهرة والمؤثرين على وسائل التواصل
• لكنه يمكن أن يلعب دورًا توعويًا كبيرًا من خلال:
- تقديم برامج ومحتويات تشرح الأضرار الصحية
- تشجيع أنماط الحياة الصحية
- عرض تجارب حقيقية لأشخاص تأثروا سلبًا بتناولها

أماكن الترويج لمشروبات الطاقة

تُروَّج مشروبات الطاقة في عدة أماكن تسهّل وصولها إلى الشباب والمراهقين، مثل:
• صالات الألعاب الرياضية
• محطات الوقود والمحال التجارية
• الجامعات والمدارس من خلال عربات البيع المتنقلة
• منصات التواصل الاجتماعي من خلال المؤثرين

هل هناك ضرورة فعلية لتناولها؟

في الواقع، معظم الناس – وخاصةً الشباب والمراهقين – لا يحتاجون إلى مشروبات الطاقة.
النشاط والتركيز يمكن الحصول عليهما بطرق طبيعية من خلال:
• التغذية السليمة
• النوم الكافي
• ممارسة الرياضة بانتظام

البدائل الصحية لمشروبات الطاقة

هناك العديد من البدائل الصحية التي تمنح الجسم النشاط والتركيز دون أي آثار جانبية، منها:
• الماء البارد مع شريحة ليمون
• العصائر الطبيعية الطازجة مثل الليمون، البرتقال، النعناع
• المكسرات الغنية بأوميجا-3
• الشاي الأخضر أو الأعشاب الطبيعية
• التمارين الصباحية والتنفس العميق

دور الإعلام والبحث العلمي في إيجاد الحلول

يجب أن يكون هناك تعاون فعّال بين الإعلام ومراكز البحث العلمي لتقديم حلول واقعية، مثل:
• تسليط الضوء على الأبحاث التي توضح الأضرار الحقيقية لمشروبات الطاقة
• تشجيع الباحثين على تطوير مشروبات طبيعية بديلة
• إطلاق حملات إعلامية شاملة لتوعية الأسرة والشباب بمخاطرها

هل الأسواق بحاجة لضوابط؟

نعم، فالأسواق اليوم تُعاني من فوضى في توزيع وبيع مشروبات الطاقة، وهو ما يستدعي تدخلًا واضحًا من الدولة:
• فرض رقابة على الإعلانات الموجهة لصغار السن
• تجريم بيع المشروبات المنشطة دون رقابة
• تشجيع المنتجات البديلة والصحية المصنّعة محليًا
انتشار مشروبات الطاقة بين الشباب والمراهقين لم يعُد مجرد ظاهرة عابرة، بل أصبح خطرًا يهدد الصحة العامة.
من الضروري أن تتكاتف الجهود بين الأسرة، والمدرسة، والإعلام، والجهات الرقابية للحد من هذا الخطر، وتوجيه الشباب نحو بدائل صحية تضمن لهم مستقبلًا أكثر وعيًا وسلامة.

إعداد: د/ عزيزة ثروت جمال
باحث بقسم تكنولوجيا الحاصلات البستانية – معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية