أ
أ
في السنوات الأخيرة، أصبحت المكمّلات الغذائية جزءًا أساسيًا من نمط حياة كثير من الشباب، سواء بهدف بناء العضلات، أو تعزيز النشاط، أو تعويض النقص الغذائي الناتج عن الوجبات السريعة وضغوط الحياة اليومية. لكن خلف هذا الإقبال الواسع، تبرز تساؤلات مهمة: هل هذه المكمّلات حقًا تعزز الصحة كما يروَّج لها؟ أم أنها تحمل في طيّاتها مخاطر خفية تهدّد شبابنا دون وعي منهم؟
أولًا: ما هي المكملات الغذائية
المكملات الغذائية هي مستحضرات تحتوي على عناصر غذائية مركزة مثل الفيتامينات، المعادن البروتينات، الأحماض الأمينية، الألياف أو الأعشاب الطبية تُستخدم بهدف تحسين الصحة أو الأداء أو تعويض نقص غذائي.التعريف العلمي يوضح أن المكملات ليست أدوية، بل أغذية مركّزة تؤثر في التوازن الغذائي الداخلي.
ثانيًا: الفوائد العلمية للمكملات الغذائية
• تعويض النقص الغذائي• : تُستخدم لسد الفجوة بين ما يحتاجه الجسم وما يحصل عليه من الطعام
• تحسين الأداء الرياضي: مثل الكرياتين وبروتين اللبن لدعم بناء العضلات
• دعم المناعة والطاقة: مكملات الزنك، فيتامين C، وفيتامينات B تقوي جهاز المناعة
• تحسين الصحة الذهنية: مكملات أوميجاا3 تساهم في دعم وظائف الدماغ.
ثالثًا: الأضرار والمخاطر المحتملة
1. تسمم الفيتامينات والمعادن نتيجة الجرعات العالية2. إجهاد الكلى والكبد بسبب الإفراط في مكملات البروتين
3. اضطراب الهرمونات بسبب المكملات غير المرخصة
4. التفاعلات الدوائية مع بعض الأدوية
5. انتشار منتجات مغشوشة في الأسواق
رابعًا: نصائح عملية للشباب قبل استخدام المكملات
استشارة الطبيب قبل البدء بأي مكملالاعتماد على الغذاء الطبيعي أولًا
تجنّب المكملات مجهولة المصدر
عدم تصديق الدعاية المضللة
توجد بدائل طبيعية تغني عن المكمّلات؟
يمكن للطبيعة أن تقدم البديل الآمن والأفضل إذا تم تنظيم الغذاء بشكل متوازن.الفواكه والخضروات الطازجة مصدر غني بالفيتامينات ومضادات الأكسدة.
البقوليات والمكسرات تمدّ الجسم بالبروتينات والمعادن الأساسية.
الحبوب الكاملة والأطعمة المخمّرة تحافظ على صحة الجهاز الهضمي والمناعة.
تناول وجبات متوازنة والنوم الكافي وممارسة الرياضة بانتظام يمكن أن يوفّر نتائج مشابهة لتلك التي يبحث عنها الشباب في المكمّلات، ولكن دون آثار جانبية.
دور الأسرة والمجتمع والإعلام في نشر الوعي بمخاطر المكمّلات الغذائية.
إنّ مسؤولية التوعية بمخاطر الاستخدام الخاطئ للمكمّلات الغذائية لا تقع على عاتق الفرد وحده، بل هي مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع ووسائل الإعلام.
أولًا: دور الأسرة
الأسرة هي خط الدفاع الأول لحماية الأبناء من السلوكيات الغذائية الخاطئة على الآباء والأمهات أن يزرعوا في أبنائهم الوعي بأهمية التغذية الطبيعية والاعتماد على الطعام المتوازن بدل المكملات الجاهزة.من المهم مراقبة سلوك الأبناء في النوادي الرياضية أو على مواقع التواصل، حيث تنتشر إعلانات المكمّلات بشكل جذّاب ومضلّل أحيانًا
يمكن للأسرة أن تشجّع الشباب على استشارة المختصين قبل تجربة أي منتج جديد، وتوجيههم إلى المصادر العلمية الموثوقة بدل الاعتماد على تجارب الأصدقاء.
ثانيًا: دور المجتمع والمؤسسات التعليمية
المدارس والجامعات تلعب دورًا كبيرًا في توجيه الشباب نحو السلوك الغذائي السليم من خلال إدراج محاضرات وبرامج توعية عن الغذاء. الصحي وأضرار الإفراط في المكمّلات ضمن الأنشطة الطلابية.إشراك أخصائيي التغذية في الأنشطة الرياضية المدرسية والجامعية لتصحيح المفاهيم الخاطئة المنتشرة بين الطلاب.
دعم المبادرات الشبابية التي تشجّع على الغذاء الطبيعي والنمط الصحي بدل الاعتماد على المكملات.
ثالثًا: دور الإعلام
الإعلام يمتلك التأثير الأكبر في تشكيل وعي الشباب وسلوكهم الصحي، لذلك يجب أن يتحمل مسؤوليته في نشر التثقيف الغذائي عبرإنتاج برامج وحملات إعلامية تشرح بطريقة بسيطة ومقنعة مخاطر التناول المفرط للمكمّلات.استضافة خبراء تغذية وأطباء لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تروّجها بعض الإعلانات التجارية.
مراقبة الإعلانات المضلّلة التي تُظهر المكمّلات على أنها “حل سحري” لبناء العضلات أو فقدان الوزن السريع.
تشجيع المحتوى الإعلامي الإيجابي الذي يبرز أهمية التوازن الغذائي والنشاط البدني الطبيعي
وفي النهاية، فإن تضافر جهود الأسرة والمجتمع والإعلام هو السبيل الحقيقي لحماية الشباب من الانسياق وراء الدعايات البراقة التي تخفي وراءها أضرارًا صحية جسيمة.
فالتوعية ليست مجرد كلمات، بل ثقافة تُبنى في العقول وتُترجم إلى سلوك مسؤول يحافظ على صحة الأجيال القادمة.
نصائح عملية للشباب لاستخدام المكمّلات الغذائية بأمان
استشر الطبيب أو اختصاصي التغذية دائمًا قبل تناول أي مكمّل، حتى لو كان متاحًا بدون وصفة، فكل جسم له احتياجاته المختلفة.اجعل الغذاء الطبيعي هو المصدر الأول للعناصر الغذائية، والمكمّلات مجرد دعم عند الحاجة فقط.
تجنّب الاستخدام العشوائي والطويل الأمد للمكمّلات، لأن تراكمها في الجسم قد يؤدي إلى اضطرابات في الكبد أو الكلى دون أن تشعر.
احرص على شراء المكمّلات من مصادر موثوقة ومعتمدة، وتجنّب المنتجات المجهولة أو تلك التي تُباع عبر الإنترنت دون رقابة.
اشرب كميات كافية من الماء يوميًا، خاصة عند استخدام مكملات البروتين أو الأحماض الأمينية، لتقليل العبء على الكلى.
ادمج المكمّلات مع نمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة، النوم الجيد، وممارسة النشاط البدني المنتظم.
ابتعد عن المبالغة في تناول أكثر من نوع مكمّل في الوقت نفسه، فالتفاعل بينها قد يسبب آثارًا سلبية غير متوقعة.
المكمّلات الغذائية ليست بديلًا عن الغذاء، بل مكمّلًا له والوعي هو أقوى مكمل يمكن أن يحمي صحتك على المدى البعيد.
اعداد/عزيزة ثروت جمال مصطفى
مركز البحوث الزراعية - معهد بحوث تكنولوجيا الاغذية



