أ
أ
في ظل الظروف الصعبة، ووسط ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، وتفتت الأراضي في الوادي والدلتا لقطع صغيرة، بقى لازم نفكر بشكل مختلف, وبشكل ذكي وعملي.
تعالوا نحكي مع بعض عن شكل من أشكال الزراعة البسيطة, لكن العبقرية جدًا, اسمها زراعة_الكفاف أو الزراعة المحلية أو الزراعة الأسرية – Subsistence Agriculture.
يعني إيه؟
يعني كل فلاح أو مزارع بسيط بيزرع لنفسه ولأسرته على قد احتياجاتهم، في جزء صغير من الأرض.. جنب المحصول الرئيسي، يزرع خضار أو حتى نباتات عطرية، منتجات نظيفة 100% كأنها عضوية ياكل منها ويكفي بيته من غير ما يشتري، ومن غير ما يستنى السوق.
وده بيحصل خصوصًا في المناطق اللي فيها تفتت في الحيازات الزراعية، زي أراضي الوادي والدلتا.. الأرض هناك بقت شرايح صغيرة، والمزارع ما بقاش يقدر يعتمد على الزراعات التجارية الكبيرة لوحدها، فبيخلق لنفسه مساحة صغيرة للاكتفاء الذاتي.
زراعة الكفاف مش مجرد نمط تقليدي لأ، ده نموذج اقتصادي حقيقي.. بيعتمد عليه ملايين الريفيين حول العالم في أكلهم وشربهم، وأحيانًا في دخلهم كمان..
وده مهم جدًا خصوصًا إن أهل الريف بقوا يشتروا خضار وفاكهة زيهم زي سكان المدن، وبسعر أغلى كمان في بعض الأوقات!
شوف_المثال_ده:
اللى في الصورة ده على سبيل المثال خيار في مساحة قصبة واحدة بس (يعني حوالي 12 متر مربع).. ممكن تكفي 10 أسر من خضار معين.
وفي حقول تانية بينزرع كل انواع الخضار فلفل وكرنب وملوخية وجرجير وباذنجان وبسلة وفاصوليا واحياناً طماطم وبطاطس في قطعة لا تزيد عن مساحة قيراط ونصف ( 250 متر مربع).
"منتشرة جدا تحت النخيل في زمام قرية قلعة المرازيق - البدرشين – الجيزة"
كل ده في مساحة صغيرة جدًا.. بس بتنظم صح، بتدي إنتاجية كبيرة وكفاية للأسرة.
الموضوع ده زي الزراعة بين الخطوط أو "مليء الفراغات"، اللي بتتعمل بين أشجار النخيل أو داخل زراعات الري المحوري بين البيوفتات في المشاريع الكبرى في الصحرا. يعني كل فراغ في الأرض ممكن يتحوّل لمصدر أكل وأمان غذائي.
زمان أهلنا كانوا بيقولوا:
"وسادة في غيطك.. تغني بيتك"
يعني الزاوية الصغيرة في أرضك، ممكن تكفيك وتغنيك!
لو نظمنا زراعة الكفاف صح، وبدأنا ندي المزارعين أصناف قوية، إنتاجيتها عالية، ومقاومة للأمراض، واحتياجاتها السمادية قليلة – نقدر نخلق منظومة زراعية أسرية قوية من غير تكلفة كبيرة أو استخدام مفرط للكيماويات.
خصوصًا إن الزراعة المتنوعة في المساحات الصغيرة بتخلق حاجز طبيعي يمنع انتشار الأمراض والآفات..
وكأنك بتعمل دورة زراعية مكانية صغيرة في قلب أرضك!
الأمم المتحدة أعلنت سنة 2014 سنة دولية للزراعة الأسرية، لأنها بتآمن إن النمط ده ممكن يكون وسيلة قوية للقضاء على الجوع، والحفاظ على الموارد، وزيادة دخل الريفيين.
المطلوب؟
إن الجهات العلمية والبحثية تبدأ تشتغل على تطوير النمط ده.
تجرب أصناف جديدة على مساحات صغيرة.
تشجع استخدام الأسمدة العضوية من المخلفات.
وتدعم الفلاح البسيط إنه يحقق اكتفاء ذاتي.
لأن الزراعة مش دايمًا لازم تكون كبيرة.
بس دايمًا لازم تكون ذكية.
أستاذ دكتور محمد على فهيم
رئيس مركز معلومات تغير المناخ