رغم إننا في عز موجة حر خانقة، والجو مولع نار، إلا إن مناطق كتير في الوجه البحري وسيناء اتفاجئت يوم التلات بأمطار نزلت فجأة, أمطار خفيفة لمتوسطة نزلت من غير سابق إنذار، ومن غير ما النماذج الجوية تتوقعها، لدرجة إنها فاجئت حتى المتخصصين نفسهم.

ليه؟! لأن دي واحدة من أوضح وأخطر ملامح تغيّر المناخ.. يضربك في أي وقت، في أي مكان، ومن غير ما يدّي أي علامات مسبقة.

والغريب؟ إن الشكل ده من التقلبات مش هيكون استثناء، لأ… ده للأسف مرشح يتكرر، وبصور جديدة، وفـ توقيتات مختلفة، وبرضه من غير إنذار!

والدنيا حوالينا بتكتب وبتتكلم

كل يوم بنسمع عن كوارث بتضرب كل مكان فى العالم:

⬅سيول جارفة
⬅فيضانات بتبلع مدن
⬅انهيارات أرضية
⬅حرائق غابات
⬅أعاصير مدارية بتشيل بلاد من على الخريطة!

وكل دا للأسف… مجرد بداية! لأن التغيرات المناخية رايحة ناحية العنف والشراسة أكتر خلال السنين الجاية.

طيب ومصر؟ نظام مناخها أيه نظامه؟

سؤال مهم جدً

الإجابة: لأ، الحمد لله، موقع مصر الجغرافي بيحمينا لحد كبير من النوع العنيف ده من تغير المناخ – لحد دلوقتي.

لكن للأسف… إحنا عندنا شكل تاني تمامًا من التغيرات المناخية – بيسموه “التغيرات المناخية الصامتة”!

يعني التغير ييجي، وتأثيره يبقى واضح… بس من غير ما نشوف العرض الكبير، لا سيول ولا أعاصير… مجرد "تشوّه" في النظام المناخي الطبيعي!

طيب نوضّح أكتر… إيه هي ..
مظاهر تغير المناخ في مصر؟

تداخل الفصول وتلخبط المواسم:

الصيف بييجي بدري جدًا (زي 2008، 2016، 2018، 2020، 2022، 2024، و2025)... وده بيعمل خساير ضخمة للفواكه (خصوصًا المانجو والزيتون والموالح) ولخضار زي الطماطم.

⬅ وأحيانًا المحاصيل الشتوية (زي القمح والبنجر والفول) بتتأثر جامد، خاصة من الصيف اللي بييجي فجأة ويسبب انخفاض الإنتاج زي اللي حصل في 2018.

شتاء متأخر وطويل:

⬅ حصل في 2019 و2021 و2023، الشتاء كمل لحد مايو! ده ضرّ التزهير في الفاكهة وخلى الأمراض تنتشر، خاصة صدأ القمح وأعفان الثمار.

صيف سخن مولّع نار:

⬅ 2023 كان أحر صيف مُسجَّل في التاريخ، و2024 كسر كل الأرقام… متوسط الحرارة زاد عن المعدلات بأكتر من درجتين!

⬅ النتائج؟ فشل عقد كتير من المحاصيل، ضعف تحجيم الفاكهة، نقص في الزيت والنكهة… وحتى القطن وزيته اتأثروا.

شتاء شديد البرودة أو دافي زيادة عن اللزوم ( عكس بعض):

⬅ الصقيع زي اللي حصل في 2019 و2021 دمّر المانجو والموز والجوافة…

⬅ ولو الشتاء جه دافي ومختصر، بنخش في كوارث زي قلة التبريد في الزيتون والتفاح والفاكهة المتساقطة… ده غير الحشرات اللي بتكمل نسلها طول السنة.

أمطار في غير أوانها:

⬅ عاصفة التنين 2020 مثال شهير، بس شفنا كمان مطر في عز الصيف في 2024، وفي أول يوليو 2025 في الوجه البحري… ده يخرب الموسم الزراعي تمامًا!

رياح خماسين شرسة:

⬅ رياح محمّلة بالتراب أو حر قاتل في الربيع… بتخبط موسم التزهير والعقد في وشّه.

طب المشكلة فين؟

المشكلة فينا احنا إننا بنتعامل بنفس طرق الزراعة القديمة، وبنفس التراكيب والمحاصيل وبنفس برامج الري والاسمدة والتغذية والمكافحة وبنفس الخبرات وكأن الجو ما اتغيّرش! وكأن حاجات كتير متغيرتش تبعاً لتغير الجو !

والمزارع… هو الضحية الأولى، وبيشيل الخسارة كلها على كتافه.

 طيب_نعمل_إيه؟ المطلوب إيه بالظبط؟

⬅ لازم نفهم إن اللي قدامنا مش ظرف مؤقت… دي مرحلة جديدة مناخياً.

⬅ لازم "نُوطّن" ثقافة التغيّر المناخي… نعلّم المزارع، والمسؤول، وكل صاحب قرار، إن اللي كان بينفع زمان، مش هينفع دلوقتي.

أهم الخطوات المطلوبة وبشدة وبدون تأخير:

✅ إعادة رسم الخريطة الزراعية بالكامل..

✅ تغيير مواعيد الزراعة

✅ استخدام أصناف جديدة

✅تغيير مواد المبيدات والأسمدة

✅استخدام العلم والدراسات… مش بس "الخبرة والتجريب"

✅ تطوير وتوسيع نطاق الإنذار المناخي المبكر

✅ بناء قدرة القطاع الزراعي على التكيّف

✅ دعم المزارع بالتدريب والدعم الفني

✅ تكثيف الأبحاث العلمية في المجال ده

الرسالة_الأخيرة:

الموضوع مش مجرد طقس… دي معركة وجود، ولو ما أخدناش خطوات سريعة ومدروسة، خسايرنا هتكون فادحة.

وده السبب اللي بيخليني أخصّص وقتي وجهدي، عشان أساعد الفلاح البسيط اللي واقف في وشّ التغيرات المناخية لوحده…

وأدعو كل زميل وزميلة من الباحثين والدارسين، إنهم يشتغلوا في المجال ده… لأن قدامه آلاف الأسئلة، واللي يستاهل آلاف الأبحاث والرسائل العلمية.

البديل؟ مرّ… وصعب… وبيهدد الزراعة في مصر من الجذور.

والله من وراء القصد ...

وهنكون مع بعض اول بأول ان شاء الله لاهم الاحتياطات والتوصيات ...

حفظ الله الجميع  ...

المطلوب تعمل شير على اوسع نطاق للكلام ده خلي المنشور ده يوصل لكل الناس...  

أستاذ دكتور / محمد علي فهيم, رئيس مركز معلومات تغير المناخ, مركز البحوث الزراعية