تمثل المزارع السمكية أحد أبرز المشروعات التي تستهدف الدولة دعمها وتوسيع نطاقها خلال المرحلة المقبلة، نظراً لما توفره من عائدات اقتصادية مرتفعة، إلى جانب قدرتها الكبيرة على توفير فرص عمل في قطاعات متعددة. كما تمتاز هذه المشروعات بكونها لا تتطلب مساحات واسعة من الأراضي، مقارنة بغيرها من الأنشطة الزراعية، مما يجعلها مناسبة للتوسع في مختلف المناطق، خاصة الريفية.

وتتطلب هذه المشاريع مراعاة العديد من الاشتراطات الفنية لضمان نجاحها وتحقيق العائد المنشود، خصوصًا فيما يتعلق بمرحلة التجهيز والتشغيل.

تجنّب الأخطاء الشائعة في التعامل مع الزريعة

من أكثر الأخطاء الشائعة التي تؤدي إلى خسائر كبيرة في المزارع السمكية هو إدخال الزريعة مباشرة إلى الأحواض أو صبّها بسرعة دون تهيئة مسبقة.

يؤدي هذا إلى ما يُعرف بـ"صدمة الانتقال"، وهي ناتجة عن الاختلاف المفاجئ في درجة حرارة المياه أو ملوحتها بين الكيس الذي يحمل الزريعة ومياه الحوض، مما يؤدي إلى نفوق عدد كبير من الأسماك.

ولذلك، ينصح الخبراء بإضافة المياه تدريجيًا إلى الكيس المحتوي على الزريعة، ثم السماح للأسماك بالخروج من تلقاء نفسها إلى الحوض، مع مراقبة دقيقة للفروق الحرارية والملحية أثناء النقل والتفريغ، لضمان سلامة الزريعة وزيادة فرص بقائها على قيد الحياة.

توصيات للتعامل مع ارتفاع درجات الحرارة

مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تصبح الأسماك داخل المزارع أكثر عرضة للإجهاد الحراري، ما قد يؤثر سلبًا على معدل نموها وصحتها العامة. وفي هذا السياق، صدرت عدة توصيات فنية مهمة للتقليل من آثار الحرارة المرتفعة وضمان استقرار الأوضاع داخل الأحواض:

المتابعة الدقيقة للحالة الصحية للأسماك طوال فترات ارتفاع الحرارة.

توفير مصدر أوكسجين احتياطي لاستخدامه عند الحاجة.

تقليل معدلات التغذية أو وقفها مؤقتًا حتى انتهاء الموجة الحارة.

تشغيل البدالات الهوائية أطول وقت ممكن خلال النهار لتقليب المياه وزيادة الأوكسجين.

الحفاظ على ارتفاع مستوى المياه في الحوض بين 1.25 و1.5 متر.

الاستمرار في تشغيل نظام الري لضمان دخول كميات جديدة من المياه.

استخدام أعلاف مضادة للإجهاد، ويفضل تقديمها في ساعات الصباح الباكر قبل ذروة الحرارة.

مشروع اقتصادي مستدام

لا يقتصر دور المزارع السمكية على تأمين مصدر غذائي عالي القيمة فقط، بل تعد من المشروعات التنموية المستدامة التي تسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي، وتفتح مجالات متنوعة للاستثمار. كما تسهم في تحقيق الأمن الغذائي، وتقلل من الحاجة إلى الاستيراد، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والمناخية الحالية.

ويؤكد خبراء القطاع أن نجاح هذه المشاريع مرهون بمدى الالتزام بالأسس العلمية في الإدارة والتشغيل، ما يضمن استدامة الموارد، وتحقيق أفضل عائد ممكن على الاستثمار.